الدروز هم عقب أخيل نتنياهو، لكنه غير قادر على التراجع عن قانون القومية
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- نكتة واقعية محزنة نُشرت بالأمس في العنوان الرئيسي لـ"هآرتس". فقد جاء فيه أن بنيامين نتنياهو يحث وزراءه على الدفاع عن قانون القومية ضد اليسار الذي يكشف هجومه عليه "الحضيض الذي تدهور إليه" بحسب كلامه.
- من هو هذا "اليسار"؟ إنه جيل الآباء المؤسسين والجيل الأساسي الثاني في حزب الليكود بكل تجسداته. إنه الرئيس رؤوفين ريفلين، وموشيه أرينز، وبني بيغن، ودان مريدور. ويمكن التقدير أن أغلبية الذين يحفظون نشيد بيتار لزئيف جابوتنسكي عن ظهر قلب، هم اليوم من هذا اليسار. هذا ما تعلموه من جابوتنسكي ومن مناحيم بيغن.
- يجدر بالمؤرخين أن يدقّقوا النظر في الحادثة التالية: في الستينيات رشَت حكومة مباي [العمالية] كتلاً في الكنيست من أجل تمديد الحكم العسكري في المجتمع العربي. وحصلت كتلة حزب أغودات إسرائيل [الديني الحريدي] من ليفي أشكول على بنك في مقابل أصواتها. حينها سأل مناحيم بيغن موشيه دايان فيما إذا كانت هناك حاجة أمنية - وطنية إلى استمرار الحكم العسكري فأجابه: كلا. بناء على ذلك، فرض بيغن على كتلة "حيروت" (الحركة الأم التي أسست الليكود) التصويت مع إلغاء الحكم العسكري. في "حيروت" تعرض بيغن لنقد حاد لوقوفه تحديداً إلى جانب "العرب". لكن بيغن أصر على موقفه. بالنسبة إلى نتنياهو في سنة 2018 بيغن هو أيضاً يساري.
- كان لإقرار قانون القومية انعكاس سلبي على الذين بادروا إليه. لقد تأخر نتنياهو في الانضمام إلى مؤيدي القانون كي يوجد خلافاً مع خصومه السياسيين حيال العلاقة مع العرب قبيل الانتخابات المقبلة للكنيست. من الواضح أن هذا القانون معاد للديمقراطية. لكن كأنما كانت هناك يد خفية، نوع من "عناية إلهية" ركزت التمييز بصورة أساسية على الدروز، الذين هم أخوتنا في السلاح وشركاؤنا في المؤسسة الأمنية، وأن بنيامين نتنياهو وإيلييت شاكيد وياريف ليفين وآفي ديختر كانوا مهملين ولم يتوقعوا قوة ردة الفعل.
- من أجل تقويض القانون يجب التركيز على الدروز. مئات الآلاف من اليهود في الخدمة النظامية وفي الاحتياط خدموا مع دروز، ولا يريدون رؤيتهم مهانين ويشعرون بالدونية. هذا هو عقب أخيل نتيناهو. يجب عدم السماح له بخوض المعركة ضد الجمهور العربي كله، لأنه حينئذ يمكن ألاّ تكون صورة الضابط الدرزي المخلص من ضحايا القانون، بل صورة جمال زحالقه وحنين الزعبي، وبذلك سيكون من السهل على الحكومة إبقاء القانون على ما هو عليه.
- لو كان نتنياهو زعيماً حقيقياً، لكان كبح الخطوة وأعلن أنه سيعيد القانون لمناقشته في الكنيست، ويقنع في تلك الأثناء ريفلين (وآخرين) بعدم توقيعه (أهمية مسألة أن واجب رئيس الدولة أن يوقع يحيط بها الغموض)، لكن نتنياهو، مثل البابا، في تعريفه لذاته "معصوم من الخطأ". ومن غير الممكن أن يكون قد أخطأ، لذا فهو لن يُقدم على هذه الخطوة المحرجة، لكن المطلوبة، بالعودة عن القانون.
- هناك أمل، على الرغم من تآكل مكانة محكمة العدل العليا - المستهدفة من حزب البيت اليهودي - بأن يجمع قضاة المحكمة شجاعتهم ويبطلوا القانون. الليكود وأحزاب الائتلاف سيشوهان سمعتهم، لكنهم في قرارة أنفسهم سيشكرونهم لأنهم " أنزلوا الحكومة عن الشجرة العالية".
- هناك احتمال مواز آخر: أن تستفيق المعارضة وتتخلص من الأمور التافهة وتقدم وثيقة الاستقلال كقانون أساس، لأنها تضمن المساواة الكاملة بين كل الجنسين والقطاعات. وعندما سيصوت الليكود ضد ذلك فإنه سيدفع ثمناً سياسياً ضد مصلحته، وستنفضح صورته في كل الساحات في البلد وفي العالم.