من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•انتظرنا ثماني - عشرة سنة لكي يروي إيهود باراك حكايته لما جرى في المفاوضات التي أجراها مع الفلسطينيين. فمنذ مؤتمر كامب ديفيد الفاشل في تموز/يوليو 2000، اكتفى بقول القليل، رمى عظمة هنا وهناك. ولكنه الآن فقط نشر سيرة ذاتية، لم تترجم بعد إلى العبرية. “My Country, My Life”.
•الحقائق الأساسية معروفة: باراك عرض على ياسر عرفات دولة على 92% من يهودا والسامرة [الضفة الغربية] (بما في ذلك تبادل مساحات). عاصمة فلسطين في الأحياء الخارجية للقدس الشرقية، نصف البلدة القديمة، ونموذج خاص لسيادة مشتركة على الحرم الشريف. هذا كان اقتراحاً شجاعاً، لأنه كان متقدماً كثيراً عن المواقف التي كانت سائدة لدى الرأي العام الإسرائيلي آنذاك. ولكن، كما كان باراك يعرف، لم يكن كافياً من ناحية الفلسطينيين، وبالفعل رفض عرفات أن يرى فيه حتى "أساساً للتفاوض".
•في مؤتمر القمة عينه قام باراك بعدة خطوات غريبة. عندما ابتدأ المؤتمر أخطر الأميركيين بأنه "سيتزحزح" [عن مواقفه المبدئية] فقط في يوم الخميس. لماذا؟ هكذا. في سيرته الذاتية نسي أن يذكر ذلك. في اليوم الثاني وضع الأميركيون على الطاولة وثيقة تجسّر بين مواقف الطرفين. وثيقة باهتة، متواضعة، لا تعكس ما هو جدّي حقاً. غضب باراك غضباً شديداً مما جعل كلينتون يسحب الوثيقة. هذه الخطوة الصغيرة شوشت كل المشاريع الأميركية. الفلسطينيون نظروا بذهول إلى قدرة باراك على السيطرة على كلينتون وفقدوا تقريباً الثقة بالوساطة الأميركية.
•وفي كتابه، يجد باراك صعوبة في تفسير غضبه الشديد: كان ذلك أبكر من اللازم. كان من الضروري أن يتشاور معنا، فوجئت بقرار كلينتون، اعتقدت أنه فقط سيغير الصياغة.
•باراك أيضاً لا ينجح في تفسير قراره الغريب بعدم التفاوض مباشرة مع عرفات. يكتب أنه أجرى مرة معه حديث مجاملة فهم منه أنه لا فائدة من أجراء مفاوضات مباشرة معه. لا يشرح لماذا اختار أن يهينه. ومرة أخرى جلس بجانبه خلال وجبة عشاء. ولكنه فضّل أن يجري حديثاً مطوّلاً مع من كانت تجلس في الجانب الآخر من الطاولة، تشيلسي كلينتون.
•ويعترف باراك أنه عندما انتهى العشاء سأله المستشار للأمن القومي، لماذا اختار أن يتحدث مع تشيلسي ويتجاهل عرفات. "من كان سيختار أن يفعل غير ذلك؟"، أجاب باراك.
•ما حدث لباراك في كامب ديفيد يمكن وصفه بمصطلح مأساة إنسانية. هذا الشخص الذي اعتاد أن يخضع الواقع لأغراضه شعر أن كل شيء يعنيه يتداعى: السلطة، المفاوضات، والأسوأ من ذلك – عرفات ضلّله. اعتكف في غرفته لمدة ثلاثة أيام، وعندما قررت وزيرة الخارجية القيام بزيارة مفاجئة له، ارتدى بسرعة ملابس التدريب وهرب للقيام بجولة ركض. من الواضح ماذا كان الوضع النفسي لشخص يتصرف على هذا النحو، ولكن باراك، على جري عادته، يبرّر ذلك. هو لم يذهب للركض لإهانة وزيرة الخارجية. لم تكن هناك ثمة فائدة من إجراء مفاوضات في غياب كلينتون. فضّل أن يفكّر في الأمور.
•ربما من المبالغة أن يتوقع المرء ممن لا يزال يحلم بالعودة إلى المجال السياسي أن يحلل باستقامة أخطاءه. ولكن في تموز/يوليو – تشرين الأول/أكتوبر 2000 دمّر باراك إمكانية التوصل إلى حل مع الفلسطينيين، وحتى الآن لم يتم تدارك هذا التدمير.
•لقد قادنا باراك إلى انتفاضة مخيفة، مسلّحين برواية كاذبة "عرضنا عليهم سلاماً وأجابونا بانتفاضة". لم يفعل ذلك عمداً، بل بالعكس: هو انتحر سياسياً كي لا يحدث ذلك، ولكنه فشل. عرفات كان إشكالياً جداً، ولعب بسلاح الإرهاب، ومن المشكوك فيه أنه كان مستعداً لحل دائم، ولكن كان بوسع كتاب ذكريات باراك أن يكون مناسبة جيدة للاعتراف بأن اقتراحه في كامب ديفيد كان من شأنه أن يقابل بالرفض من أي زعيم فلسطيني، وأنه هو نفسه فهم ذلك وحسّن اقتراحه إلى حد كبير بعد عدة شهور.
•يتولّد من قراءة الكتاب الانطباع أن باراك مستعد لأن يقولوا عنه ما يشاؤون، عدا الإدعاء أنه لم يتنبأ بالمستقبل. لقد كان بالفعل متشكك دائماً فيما يخص عرفات، وأنه اعتقد أن المفاوضات معه بعد القمة ستفشل، وأن عرفات كان يهيّء طيلة الوقت لانتفاضة. لقد قيل أن السيَر الذاتية لا تكشف عن أي شيء محرج يتعلق بمؤلفيها، باستثناء ذاكرة سيئة.