عندما تريد "حماس" لا تُسفَك دماء على السياج الحدودي
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

•عندما حاولتُ في الأيام الأخيرة أن أشرح لعدد غير قليل من الجهات الدبلوماسية الأجنبية طبيعة الأحداث في غزة، كان من الصعب عدم الإشارة إلى الواقع المتعارض: الهدف الإسرائيلي في مواجهة تظاهرات "حماس" العنيفة، هو "صفر قتلى" من الفلسطينيين، بينما الهدف الفلسطيني هو مقتل أكبر عدد ممكن من المتظاهرين على السياج. يوم الأول من أمس، قبل يوم من  الموعد المرتقب للذروة في التظاهرات العنيفة، حققت "حماس" الهدف الذي وضعته مع صور القتل الجماعي التي أرادت تسويقها في العالم. وبالأمس، على الرغم من أنه كان "يوم النكبة"، فقد أثبتت "حماس" أنها، عندما ترغب، لا تُسفك دماء على السياج.

•لقد فشلت "حماس" فشلاً ذريعاً، سياسياً ودبلوماسياً وعلى صعيد الحكم في أثناء العشر سنوات التي حكمت خلالها قطاع غزة. وقد ظلت تنظيماً إرهابياً غير شرعي في العالم، يرفض أي عملية سياسية، ولم ينجح في تحقيق إنجازات مهمة في المعارك الثلاث التي خاضها ضد إسرائيل (التي نجحت في قطع ذراعيه الاستراتيجيتين: الصواريخ والأنفاق)، كما فشلت "حماس" اجتماعياً واقتصادياً في تأمين حياة معقولة لسكان القطاع. لذا، عندما وجدت أن هناك احتمالاً في الاحتجاج الذي نظمته تنظيمات مدنية في غزة استعداداً ليوم النكبة، قامت بوضع استراتيجيا جديدة، هي اختراق السياج تحت غطاء الاحتجاج المدني، وخطف جنود ومهاجمة مدنيين.

•تشير التظاهرات إلى أنه ليس الاحتلال (الذي انتهى سنة 2005 في غزة مع الانسحاب إلى حدود 1967 وتفكيك كل المستوطنات) هو السبب. إن المعنى العملي لذريعة حق العودة الذي غذّى "مسيرة العودة" هو نهاية الدولة اليهودية. لم تكن هذه "تظاهرات مدنية وغير عنيفة"، فكل من شاهد الوئائق المصورة في إمكانه أن يرى محاولات اختراق السياج وزرع عبوات وإطلاق نار وحرق حقول. وتشير المعلومات الاستخباراتية التي لدى الجيش بصورة قاطعة إلى أن "حماس" تحاول بكل قواها وبحماية النساء والأولاد اختراق السياج الحدودي. ومن المتوقع أن تتوجه من هناك وتحاول شن هجوم إرهابي على مستوطنة إسرائيلية، وخطف جنود إسرائيليين، والسيطرة على موقع وتدمير عتاد المشروع الذي يشكل رداً على الأنفاق.

•لقد وقف الجيش الإسرائيلي في مواجهة خيار قاس: الدفاع بأي ثمن عن السياج ضد محاولات اختراقه بواسطة تفريق التظاهرات بالنيران الحية، وقتل مخربين ودفع ثمن كبير لا مفر منه، هو قتل أبرياء يعمل تحت غطائهم ومن ورائهم مخرّبو "حماس"، أو الامتناع من المسّ بالذين يخرقون السياج مع مخاطرة حقيقية بإصابة مئات الأشخاص من الطرفين نتيجة تصعيد واسع. إن الواجب الأول للجيش الإسرائيلي هو الدفاع عن مواطني الدولة وعن حدودها. وهذا ما يفعله جيداً.

•مع ذلك، في مقابل "الجدار الحديدي" الذي أقامه الجيش في دفاعه عن حدود إسرائيل، فإن حل الوضع في غزة ليس عسكرياً فقط. المطلوب إحياء الأمل لدى السكان، الذين تتهم "حماس" إسرائيل بأنها وراء ضائقتهم، وفي موازاة ذلك تقديم سلّم يسمح لـ"حماس" بالنزول عن الشجرة العالية التي صعدت إليها. يتعين على إسرائيل العودة في أقرب وقت إلى فحص الوضع الإنساني في القطاع، الذي من المحتمل أن يتفاقم بعد مهاجمة "حماس" إمدادات الغاز والوقود والبضائع الأُخرى للقطاع. 

•في ضوء ذلك من الصائب درس زيادة تزويد القطاع بالمواد الإنسانية للحوؤل دون تفاقم الأزمة الإنسانية التي لها انعكاسات أمنية؛ ثانياً، من الصائب الاستعانة بمصر والأردن والسماح لهما بتقديم مساعدة طبية وغيرها إلى سكان القطاع في إطار تفاهمات مع "حماس" سعياً نحو التهدئة؛ ثالثاً، مع استعادة جثامين قتلانا والمدنيين الذين تحتفظ بهم "حماس" تستطيع إسرائيل معالجة جرحى فلسطينيين في ضوء انهيار الجهاز الصحي في القطاع؛ رابعاً، حتى لو أن الهدنة التي تقترحها "حماس" وصيغة "إعادة إعمار في مقابل نزع سلاح" التي يقترحها وزير الدفاع ليستا مقبولتين من جانب الطرفين حالياً، ثمة مجال للتوصل إلى تفاهمات محدودة بينهما بهدف التهدئة وتحسين الواقعين المدني والأمني. 

•في مقابل الاتفاق على خطوات معينة لإعادة البناء نقترح على "حماس" تسليم جزء من سلاحها الثقيل إلى مصر، وأيضاً معلومات عن أنفاقها التي ستدمرها إسرائيل في وقت قريب. مثل هذه التفاهمات من الأفضل التوصل إليها بصمت، من أجل تحسين فرص التهدئة، والأمن، ومنع  وقوع  قتلى لا لزوم لقتلهم.