من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•مَن تجوّل في ساحات المدن في ذكرى يوم الاستقلال [ذكرى إقامة الدولة]، لا بد من أنه انتبه إلى العدد الكبير من الباصات التي تحولت إلى حواجز. لقد وضعوها في الشوارع والطرق عند مدخل كل احتفال، بهدف منع السيارات المفخخة. وكان يمكن رؤيتها حول ساحة رابين، وفي "مسيرة الضوء" في طريق نمير، وفي استعراض سلاح الجو على طول الشاطىء، وأيضاً في احتفالات محلية في أحياء متعددة.
•وأيضاً كان عدد الجنود ورجال الشرطة وحراس الأمن من شركات الحماية، وأبراج المراقبة والطائرات من دون طيار، والطوافات، غير مسبوق. لم يسبق أن جُنِّد هذا العدد الكبير من الأفراد والوسائل لمنع وقوع هجوم. وحتى محطة الوقود الواقعة بالقرب من جسر هيَركون أُعلنت منطقة مغلقة ممنوع دخولها والخروج منها.
•لكن هذا لا شيء مقارنة بالمخاوف الكبيرة التي رافقت المحتفلين جرّاء تهديدات إيران الواضحة والعلنية بتصفية الحساب مع إسرائيل التي قصفت قاعدة إيرانية وقتلت 7 من أعضاء الحرس الثوري. وبينما يدرك الجمهور أن "حماس" في غزة والفلسطينيين في المناطق لا يُعتبرون تهديداً وجودياً لإسرائيل، فإنه يتخوف من إيران. لديها جيش كبير ومدرب، وأيضاً طائرات وصواريخ تغطي جميع مناطق إسرائيل. وإذا أضفنا إلى ذلك آلاف الصواريخ التي يحتفظ بها حزب الله في لبنان، والصواريخ التي لدى الأسد في سورية (الذي أيضاً له حساب مفتوح معنا)، ليس من المستغرب أن فرحة العيد كانت ممزوجة بكثير من القلق الوجودي.
•قال اللواء في الاحتياط عاموس يادلين عن تهديدات إيران: "هي بالتأكيد قادرة على توجيه ضربة إلى إسرائيل، وأنصح بعدم الاستهانة بذلك" وأضاف: "لم نشهد خطراً كهذا منذ أيار/مايو 1967". هل أنت بحاجة إلى أكثر من ذلك كي لا تتمكن من النوم في الليل؟
•في الواقع، في أثناء تجولي خلال العيد في تل أبيب، توجه نحوي مواطنون وسألوني بقلق: "ماذا سيحدث مع إيران؟" هم، من جهة، كانوا فرحين بالعيد الـ 70 للدولة، لكن من جهة ثانية كانوا قلقين. وهم من ناحية، كانوا مؤمنين بأننا نملك جيشاً قوياً متفوقاً عملانياً، لكن من ناحية ثانية، كان يتملكهم الخوف من حرب شاملة تؤدي إلى وقوع خسائر جسيمة في الجبهة الداخلية. شعوران متناقضان موجودان معاً: النشوة والكآبة، الحالة المعنوية العالية والقلق الوجودي، حالة من الكآبة الوطنية.
•إذا كان هذا هو الوضع، هل فعلاً وصلنا إلى الاستقلال الحقيقي؟
•في الواقع، إسرائيل هي الدولة الوحيدة في الكرة الأرضية المهددة بتهديدات إبادة، وتجد نفسها طوال الوقت في مواجهة خطر وقوع هذه الحرب أو تلك. هناك حقيقة أُخرى هي أننا لسنا قادرين على أن نواجه وحدنا كل التهديدات من حولنا. الولايات المتحدة هي التي تقدم لنا التفوق العسكري. هي التي تعطينا الطائرات الأكثر تقدماً، والسلاح الدقيق، وتموّل صاروخ "حيتس" [ الاعتراضي]، ومحركات دبابة "مركافا"، وتعطينا الأموال لتطوير "القبة الحديدية". وهي التي تقدم لنا سنوياً منظومات سلاح متطور بـ3.5 مليار دولار، ولدينا معها تعاون استخباراتي وعلمي. كل هذا، معاً، يخلق تفوقاً عسكرياً يسمح لنا بالبقاء على قيد الحياة.
•ونحن تابعون للولايات المتحدة على المستوى الاقتصادي أيضاً. يكفي أن يعلن الرئيس الأميركي أنه "يعيد التفكير" في العلاقات الخاصة مع إسرائيل، كي تنهار أسهم البورصة ويرتفع سعر الدولار ارتفاعاً كبيراً. في وضع كهذا، ستتوقف المصارف في أنحاء الكرة الأرضية عن إعطائنا قروضاً، وسيفرض مجلس الأمن علينا عقوبات اقتصادية تشلنا، وجميع المعطيات الاقتصادية الجميلة ستتحول دفعة واحدة إلى صورة سوداء للانهيار. يكفي أن يفرضوا مقاطعة على المنتوجات الإسرائيلية كي ينهار الاقتصاد. نحن سوق مفتوحة تعتمد على التصدير، وهناك ضرر المقاطعة المفروضة على منتوجات مصدرها المناطق [منتوجات المستوطنات اليهودية في الضفة] وعلى الجامعات.
•لقد أقيمت إسرائيل كملاذ آمن للشعب اليهودي بعد المحرقة النازية، لكن مواطنيها يتخوفون طوال الوقت من الحرب القادمة، وهي تابعة تبعية مطلقة لحليفتها الكبيرة. على الرغم من أننا احتفلنا بفرح بالذكرى الـ70 لإقامة الدولة، لكننا لم نصل بعد إلى الاستقلال الحقيقي. إسرائيل ليست ملاذاً آمناً.