من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•ينبغي القول بوضوح إن الهجوم في سورية لم يأت لاعتبارات جيوسياسية، بل لاعتبارات معيارية. "الهجوم جاء دفاعاً عن القيم" قالت الناطقة بلسان البنتاغون. لقد خرق الأسد القيم في موضوع السلاح الكيميائي، قيم تضمنها معاهدة دولية تحولت إلى قانون دولي في سنة 1973، تحظر تطوير وانتاج وتخزين واستخدام السلاح الكيميائي. هذه المعاهدة هي الأساس القانوني - الأخلاقي للهجوم في سورية. صحيح أن دونالد ترامب سليط اللسان وليس حساساً إزاء مفاهيم بسيطة مثل "القيم" "والمعايير"، ورغم ذلك، فإن بيان البيت الأبيض صيغ بدقة من أجل الإشارة إلى الفارق بين الجيوسياسي وبين القيم.
•جاء في البيان أنه منذ الحرب العالمية الأولى اعترف المجتمع الدولي بأن السلاح الكيميائي ليس مثل سائر الأسلحة، وإصدار تحذير ضد خرق مبدأ لاشرعية السلاح الكيميائي هو بحد ذاته مصلحة أميركية. لقد كان البيانان البريطاني والفرنسي أكثر حدة من البيان الأميركي الذي جاء فيه: لقد كان ضرورياً أن نتحرك لأن السوريين تجاوزوا خطاً أحمر، خطاً التزموا به عندما انضموا إلى المعاهدة الكيميائية في سنة 2013، ومن الضروري أن يفهموا أننا لن نسكت على تجاوز هذا الخط.
•لقد تعاملت وسائل الإعلام الإسرائيلية، في مجملها، باستهزاء مع عملية ذات دوافع قيمية ومعيارية، وليست ذات رؤية استراتيجية جيوسياسية: فما جرى عملية صغيرة جداً، ومحدودة جداً، تتمحور حول الموضوع الكيميائي فقط، لذا لا فرصة كي يتعاملوا معها بجدية. وتوضح ردة الفعل هذه أن الإسرائيليين يفهمون فقط القوة، ولهذا من الصعب عليهم تصور استخدام القوة كأداة لفرض معايير ونظام دولي. ومن وجهة نظر إسرائيلية، العملية لم تقدم شيئاً لمساعدة مصلحة إسرائيل في سورية، أي طرد إيران، أمّا في الموضوع الكيميائي، فالكل يعرف بأن السوريين لن يتجرؤوا على استخدام السلاح الكيميائي ضد إسرائيل، لأنهم يعرفون الرد الذي ينتظرهم، ولذلك، لتذهب المعايير إلى الجحيم.
•من المؤسف، لكن ليس مفاجئاً، أن طريقة التعامل الإسرائيلي مع المعايير والقيم الدولية ضيقة الأفق وكلبية، لأن القيم وليست القوة هي التي تحوّل الفوضى إلى نظام دولي. بالإضافة إلى ذلك، ولأسباب تاريخية، يجب أن تكون إسرائيل تحديداً ملتزمة بصورة خاصة بفرض القيم التي تدعو إلى حظر استخدام السلاح الكيميائي والغاز. وبسبب ذكرى المحرقة يجب ألاّ تقف إسرائيل موقف المتفرج عندما تقتل دولة مواطنيها بالغاز. وإذا كان هناك وضع في سورية يمكن لتدخل عسكري إسرائيلي فيه أن يثير الاحترام والتقدير فإنه سيكون عملية عقابية رداً على استخدام الغاز في قتل المدنيين. وأيضاً في العملية الهجومية الأخيرة، كان من الصائب أن تشارك إسرائيل، ليس فقط لأسباب رمزية قيمية.
•كل ذلك ليس ممكناً لأن إسرائيل ليست عضواً في المعاهدة الكيميائية. وبحسب مصادر أجنبية كان لدى إسرائيل في الماضي البعيد مشروع سلاح كيميائي. لكن هذا كان في فترة كان لدى كل دولة في الغرب مشاريع مشابهة. يومها لم يكن وجود مثل هذا السلاح كسلاح رادع يتعارض مع القانون الدولي. المطالبة بالحظر الكلي لاستخدام السلاح الكيميائي طُرحت فقط في سنة 1987، في إثر استخدام صدام حسين له ضد المواطنين الأكراد في دولته.
•يتسحاق رابين هو الذي قرر في كانون الثاني/يناير 1993، بخلاف رأي المؤسسة الأمنية، أن على إسرائيل توقيع المعاهدة الكيميائية. لكن بعد مرور 4 سنوات وبعد أن وافقت 167 دولة على المعاهدة وجعلوها سارية المفعول لم تكن إسرائيل بين هذه الدول. حالياً 193 دولة وقعت المعاهدة الكيميائية. بقيت إسرائيل ومثلها مصر وكوريا الشمالية والسودان خارجها. حان الوقت لأن تقوم إسرائيل بما هو صحيح قيمياً وأخلاقياً وأن تنضم إلى المعاهدة.