من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•أثارت محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس الحكومة الفلسطيني رامي الحمد الله في أثناء زيارته لغزة، موجة من التقديرات المتشائمة بشأن مصير المصالحة الفلسطينية بين "فتح" و"حماس". من هذه التحليلات يمكن الاستنتاج أن المصالحة كانت توشك على أن تتم، وأنه لم يكن من الممكن كبحها إلاّ من خلال القيام بعمل راديكالي من نوع اغتيال رئيس الحكومة الفلسطينية ورئيس الاستخبارات العامة ماجد فرج. والسؤال من هو الطرف الذي يمكن أن يكون يائساً إلى هذه الدرجة كي يقوم بعمل كهذا؟
•المتهم الأساسي هو "حماس" ونحوها وجّه رئيس السلطة محمود عباس أصبع الاتهام. لكن في اليوم التالي للاغتيال أوضح فراج "أنه يجب عدم التسرع في إلقاء التهمة على أي طرف". وعلى ما يبدو هذا بيان مخادع، لأنه قبل 10 أيام نشرت صحيفة "العربي الجديد" خبراً عن أن فرج نقل إلى عباس تقريراً يحذره فيه من "الوقوع في فخ المصالحة التي تقودها مصر وحماس". وبحسب ما نُشر تقوم مصر واتحاد الإمارات بإعداد الأرضية لإسقاط عباس وتعيين محمد دحلان، المطرود من صفوف "فتح" في سنة 2011 مكانه. وجاء في الخبر أيضاً أن الدولتين وجهتا إنذاراً إلى عباس تحثه فيه على ضرورة استكمال المصالحة مع "حماٍس" أو أنهما سيتهمانه بأنه المسؤول عن إفشالها.
•لقد كان دحلان المحور الأساسي الذي أدار محادثات المصالحة بين "حماس" ومصر قبل توقيع اتفاق المصالحة بين الحركة و"فتح"، وبحسب ادعائه، هو الذي حصل على مساعدة تقدر بـ 15 مليون دولار شهرياً من اتحاد الإمارات العربية وأكثر من 100 مليون دولار لإنشاء محطة الكهرباء في غزة. وهو يتباهى بأنه أقنع مصر بالموافقة على فتح معبر رفح، ووقتها جرى التلميح إليه كمرشح لرئاسة الحكم المدني في غزة عندما تتم المصالحة ويستلم ممثلو السلطة المسؤولية عن المعابر كما تطالب مصر.
•لا يحتاج البغض المتبادل بين دحلان وعباس إلى إثبات. وهذا هو أيضاً سبب تكدر علاقات عباس مع مصر والسعودية واتحاد الإمارات. وقد تجلت الضغوط التي تمارسها مصر والسعودية على عباس من أجل تبني خطة المصالحة، التي جرى وضعها في مكاتب الاستخبارات المصرية في القاهرة، من خلال الرسائل المتبادلة القاسية بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وعباس. وبحسب ما نُشر فقد تضمنت هذه الرسائل اقتراحاً سعودياً أن تكون أبو ديس هي العاصمة المستقبلية بدلاً من القدس، وتوسيع إطار تبادل المناطق مع إسرائيل الذي يجب أن يتبناه الفلسطينيون. عباس رفض الاقتراح، ونفى تماماً أنه عُرض عليه.
•لقد توقفت مصر في ظل حكم عبد الفتاح السيسي منذ وقت طويل عن التزلف إلى عباس وقيادة "فتح"، وكل اهتمامها الآن منصب، بعد خمس سنوات تقريباً على استيلاء السيسي على السلطة، على إنجاز إقامة حزام أمني بين غزة وسيناء. وليست هذه منطقة أمنية تسببت بإجلاء آلاف العائلات من منطقة الحدود الواقعة بين رفح وسيناء، وهدم أغلبية الأنفاق التي تربط بين الطرفين فحسب، بل هي أيضاً تزيد بصورة كبيرة في قوة الجيش المصري الذي يقوم بدورياته على طول الحدود.
•تغيرت أيضاً الاستراتيجيا حيال "حماس". لقد صنفت مصر الحركة، ولو بصورة غير رسمية، كتنظيم إرهابي ليس بسبب انتمائها الإيديولوجي إلى حركة الإخوان المسلمين. فقد اتهمت الاستخبارات المصرية ناشطي الحركة بمساعدة معتقلي الإخوان المسلمين على الفرار من السجن في نهاية ولاية مبارك. والتعاون بين "حماس" وتنظيمات راديكالية في سيناء وضع الحركة في مرمى جهاز التصويب في سلاح الحكم المصري.
•الضغط المصري الذي شمل إغلاق معبر رفح فترة طويلة من الزمن وترافق مع سياسة الحصار الإسرائيلي أجبرا "حماس" على إعادة التفكير في استراتيجيتها، وخصوصاً في أعقاب الانفصال عن إيران الذي نجم عن قرار "حماس" الاشتباك مع نظام الأسد. وكانت نتيجة هذا الضغط أن "حماس" أعادت صوغ ميثاقها، وتخلت تماماً عن علاقتها الإيديولوجية بالإخوان المسلمين، ورسمت حدود فلسطين بحسب حدود 1967، ولكنها في الوقت عينه، أكدت النضال المسلح ضد إسرائيل.
•منذ توقيع المصالحة تصل وفود مصرية إلى غزة بصورة متكررة بهدف التوصل إلى تحقيقها، وللتأكد من التزام "حماٍس" بتعهداتها حيال مصر. ويوجد حالياً وفد مصري في غزة يعمل على دفع "حماس" إلى إنهاء التحقيق في حادثة الاغتيال والسماح بمواصلة تطبيق الاتفاق.
•إن الخلاف الأساسي بين "حماس" و"فتح" هو بشأن المسؤولية الأمنية في قطاع غزة في مقابل مسؤوليتها المدنية. الحركة مستعدة لأن تنقل إلى السلطة المسؤولية المدنية الكاملة بما فيها الإدارة الجارية للخدمات العامة ودفع الرواتب. والسلطة أيضاً مستعدة لتحمل هذه المسؤولية، لكنها تطالب بمسؤولية أمنية كاملة، وليس فقط على معابر الحدود كما تشترط الاتفاقات مع مصر.
•في نظر "حماس" هذا شرط غير مقبول. والسؤال هل ستنجح مصر في أن تفرض على عباس إبداء مرونة والاكتفاء بالسيطرة على المعابر والإدارة المدنية. الاحتمال الثاني هو إسقاط عباس في أقرب وقت وتعيين دحلان مديراً عاماً على غزة، ومن خلاله فتح معبر رفح والالتفاف على عقبة المصالحة. ومحاولة الاغتيال يمكن أن تُستخدم كرافعة لتسريع تطبيق الاتفاقات مع مصر، سواء قبِل عباس بشرط "حماس" أو رفضه بحجة أنه لا يمكن إجراء مفاوضات مع طرف يريد اغتيال زعماء السلطة الفلسطينية.
•بالإضافة إلى مسألة انعكاسات محاولة الاغتيال على استمرار تحركات مصر في غزة، تحوم معضلة الحل السياسي. من الواضح أن مصر ترفض اعتراف ترامب بالقدس كعاصمة لإسرائيل. وهي تضع نفسها في مواجهة الموقف السعودي الذي لا يستبعد عاصمة فلسطينية أُخرى بدلاً من القدس وتؤيد أيضاً تبادلاً للمناطق يتخطى ما جرى الاتفاق عليه سابقاً.
•في مواجهة الإلحاح المصري الصارم من أجل تحقيق المصالحة، والفوائد التي يمكن أن تجنيها "حماس" منها، بالإضافة إلى تأنيب الرئيس ترامب، يبدو عباس محشوراً في زاوية معزولة وستنتقل المبادرة نحو الخطوات المقبلة إلى مصر واتحاد الإمارات والسعودية، وإلى محمد دحلان ممثلهم على الأرض.