•علّق كثيرون آمالهم على استئصال تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سورية، وافترضوا أنه ما إن يتحقق هذا الهدف ستنتهي الحرب في هذا البلد.
•لكن الواقع السوري يسير في اتجاه معاكس: فالعداوات القديمة بين لاعبين تجندوا لمحاربة داعش، مثل الولايات المتحدة، وروسيا، وإيران، ونظام الأسد، وتركيا، وحتى الأكراد بدأت تحتل صدارة المشهد.
•تجري العملية من أجل التوصل إلى تسوية سياسية في سورية في ثلاث قنوات دبلوماسية متعددة: في الأستانه بقيادة روسيا وإيران وتركيا؛ وفي جنيف بقيادة الولايات المتحدة؛ وفي سوتشي بقيادة روسيا، لكن لم يثمر جميعها شيئاً حتى الآن.
•مع جمود الاتفاقات العسكرية والسياسية أخذ النظام السوري يقصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بوحشية. ويواصل الرئيس بشار الأسد وشركاؤه ارتكاب أعمال فظيعة وأكثر عنفاً ضد تنظيمات المعارضة وضد السكان المدنيين، وهذه المرة في الغوطة الشرقية الواقعة شرقي دمشق.
•مع الأسف، يبدو أن العالم قد تعود على هذا الوضع، وهو يدير وجهه جانباً ويقبل بانتهاك قرارات وقف إطلاق النار الصادرة عن مجلس الأمن.
•تجري حالياً تطورات على المستويين الإقليمي والدولي. ففي الشهر الماضي، خاضت دول وقوى دولية معارك مباشرة وجهاً لوجه. وهكذا بدلاً من انتهاء النزاع والتوصل إلى حل له، نشهد تصعيداً مع احتمال أن يتحول إلى صراع دولي مباشر، بدلاً من حرب بالوكالة، قد يشعل جبهات قديمة- جديدة:
•جبهة الولايات المتحدة - روسيا: خلال اشتباك وقع بين القوات الأميركية وقوات نظام الأسد التي حاولت اجتياز شرقي نهر الفرات، قتل الأميركيون 300 مقاتل، بينهم مرتزقة روس. واجهت روسيا الحادث بالإنكار والصمت، لكن الحجة القائلة إنه لم يعد للوجود الأميركي شرعية في سورية بعد هزيمة داعش أحدثت تأثيراً قوياً.
•ينطوي التقرير بشأن نشر طائرات شبح روسية في سورية على أجندة واضحة ضد الوجود الأميركي هناك. وبالإضافة إلى ذلك، فهو يشكل تحدياً للجيوش الأُخرى في المنطقة، وبصورة خاصة للجيش الإسرائيلي، ويثير شكوكاً بشأن إمكان منع وقوع اشتباك إسرائيلي- روسي في أجواء سورية.
•ثمة سبب آخر للتوتر بين واشنطن وموسكو هو التصريحات الأميركية بشأن ردات فعل مستقبلية على استخدام نظام الأسد هجمات بأسلحة كيميائية.
•جبهة تركيا- روسيا: تدخلت تركيا في سورية منذ بداية القتال في هذا البلد، على الأغلب بطريقة غير مباشرة. ورفضت إيران وموسكو مطالبة أنقرة باستقالة الأسد. إن قيام حكم ذاتي كردي في منطقة عفرين، التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الكردي، وهو تنظيم تابع لحزب العمال الكردستاني الذي تعتبره تركيا تنظيماً إرهابياً، رأى فيه الأتراك تجاوزاً للخط الأحمر، وشنّوا عملية توغل في سورية في مطلع شباط/فبراير أطلقوا عليها اسم عملية غصن الزيتون.
•وطرأ تطور مثير للاهتمام على الأحداث عندما حصل الأكراد على مساعدة من قوات النظام السوري التي كانت خصمهم اللدود خلال سنوات من القتال. وحالياً هم يدافعون معاً عن الأراضي السورية في وجه الغزو التركي.
•جبهة الولايات المتحدة – تركيا: ثمة احتمال لنشوب نزاع بين دولتين عضوين في حلف شمال الأطلسي. لقد استطاع جيش كردي - عربي الانتصار على داعش، بمساعدة الولايات المتحدة، في المنطقة الكردية الواقعة شرقي نهر الفرات. ويتخوف الأتراك أيضاً من قيام حكم ذاتي كردي على حدودهم الجنوبية. وهم يهددون باحتلال المنطقة، ومن المتوقع أن يشتبكوا مع القوات الأميركية التي ما تزال موجودة في المنطقة للمساعدة في إعادة إعمارها.
•جبهة إيران- إسرائيل: أثبت يوم القتال في 10 شباط/فبراير احتمال وقوع اشتباك إيراني- إسرائيلي في الساحة الشمالية يشمل سورية وحزب الله. إن إصرار إيران على مواصلة تمركزها في سورية، والإصرار الإسرائيلي على منعها من ذلك، قد يؤدي إلى انفجار خطر، وبصورة خاصة بعد أن يبدأ نظام الأسد والقوات الإيرانية بفرض إرادتهما على جنوب هضبة الجولان السورية، وبالتأكيد إذا مضى الإيرانيون في تنفيذ خططهم الرامية إلى بناء مصانع لإنتاج صواريخ دقيقة موجهة في سورية وفي لبنان.
•لقد أثبتت جميع القوى في سورية، الداخلية منها والخارجية، في الفترة الأخيرة أنها لا تتردد في المضي حتى الحافة وتجاوزها: أي استخدام القوة العسكرية، وتجاهل قرارات مجلس الأمن والوساطات ومحاولات التهدئة، بهدف حماية مصالحها.
•في معركة يوجد فيها العديد من اللاعبين الذين لا يترددون في التحرك مباشرة ضد خصومهم، فإن سنة 2018 ليست بداية نهاية الحرب في سورية، بل هي بداية فصل آخر خطر من المأساة الدائرة على حدودنا الشمالية.