هل تقترب إسرائيل بخطوات حثيثة نحو حرب مدبرة ضد لبنان؟
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

•إن مجموعة الرسائل التي قامت إسرائيل بتمريرها علناً خلال الأيام القليلة الفائتة، وأساساً إلى الحكومة اللبنانية، والاجتماع الذي عُقد في موسكو بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لا يبقيان مكاناً للشك في أن إسرائيل تقترب بخطوات حثيثة نحو "حرب اختيارية"، وبكلمات أوضح نحو حرب مدبّرة ضد لبنان.

•فقد نشر الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أول أمس (الأحد) مقالاً في بعض مواقع المعارضة اللبنانية وبعض المواقع الإسرائيلية، أشار فيه إلى أن لبنان أصبح مصنعاً كبيراً للصواريخ، وإلى أن هذه العملية حولته إلى برميل بارود موجّه ضده وضد سكانه. 

•وأمس (الاثنين) أوضح وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان [رئيس "إسرائيل بيتنا"] أن إسرائيل ستستخدم كل الوسائل السياسية والأُخرى من أجل منع تحويل لبنان إلى مصنع كبير لإنتاج الصواريخ. وهذا يعني عدم استبعاد استخدام القوة. 

•ونشر الروس أمس صورة يظهر فيها رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ["أمان"] والسكرتير العسكري لرئيس الحكومة والملحق العسكري الإسرائيلي في موسكو وهم يقدمون شرحاً لوزير الدفاع الروسي قبل دخولهم إلى ديوان الرئيس الروسي. 

•تشير كل هذه الوقائع إلى أن إسرائيل تمارس ضغطاً مكثفاً من أجل ردع الإيرانيين عن إقامة مصانع للصواريخ الدقيقة في سورية ولبنان. فالناطق العسكري يحذر سكان لبنان، ووزير الدفاع يحضّر الرأي العام الإسرائيلي، ونتنياهو يتوجه إلى الروس من أجل تفعيل نفوذهم.

•في السنة الفائتة قدّرت إسرائيل بأن الإيرانيين قاموا بمحاولة لإقامة مصنع لتركيب صواريخ دقيقة بهدف الالتفاف على قدرة إسرائيل على كبح شحنات صواريخ كهذه من سورية إلى لبنان. وذكرت وسائل إعلام أجنبية أنه تم حفر مثل هذا المصنع تحت الأرض وأن إسرائيل تمكنت من اكتشافه، وبادرت إلى ممارسة ضغوط قوية من أجل إغلاقه، ونجحت في تحقيق ذلك. لكن ما يتبين من الأنباء التي نُشرت في الأيام الأخيرة هو أن الإيرانيين لم يتنازلوا عن الفكرة ونقلوا المصنع إلى منطقة أُخرى. 

•وفي 7 أيلول/ سبتمبر 2017 نشرت وسائل إعلام أجنبية أن الجيش الإسرائيلي هاجم مصنعاً للصواريخ الدقيقة في مصياف بالقرب من مدينة حماة في سورية. وسادت تقديرات في إسرائيل بأن الإيرانيين تراجعوا بقدر ما عن فكرة إقامة مصنع كهذا وخصوصاً في لبنان. لكن يتبين الآن أن هذه التقديرات كانت خطأ.

•من الواضح أن إسرائيل تسلقت شجرة عالية في كل ما يتعلق بهذا الموضوع. وهي تعرف أن الخيار المطروح الآن هو إمّا أن تنزل عن الشجرة من دون تحقيق هدفها، أو تضطر إلى استخدام القوة. وفي حال اتخاذ قرار بشن هجوم في لبنان سيدور الحديث بكل تأكيد عن شن حرب، لأن احتمال ردع العدو هناك المتمثل في حزب الله ضئيل للغاية. 

•يدرك وزير الدفاع هذا الأمر، ولذا أكد أمس أن إسرائيل لا ترغب في خوض حرب لبنان الثالثة. ولا شك في أن ليبرمان يعتمد في قوله هذا على وجود أذن صاغية لإسرائيل في موسكو. وفي المقابل يدرك الروس أن نتنياهو هو الزعيم الوحيد في العالم الذي لديه علاقات جيدة مع بوتين ومع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الوقت عينه، ولذا يعتبر أداة عمل حيوية في مقابل الأميركيين. كما أنه يمكن للروس أن يستغلوا تهديدات رئيس الحكومة من أجل كبح النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.

 

•يبدو هذا السيناريو جيداً من الناحية النظرية، لكن من الناحية العملية في حال استمر الإيرانيون في حفر مصانع للصواريخ الدقيقة تحت الأرض، ستكون إسرائيل عالقة في أعلى الشجرة التي تسلقتها، وسيتعين عليها أن تقرّر فيما إذا كانت عملية إقامة مصنعين أو ثلاثة مصانع للصواريخ في لبنان تشكل مبرراً كافياً لحرب مدبرة ضد هذا البلد. كما يتعين على الحكومة الإسرائيلية أن تطرح هذه المعضلة على الجمهور الإسرائيلي العريض، وأن تخيّره بين شن حرب مدبرة وبين العيش تحت خطر الصواريخ الدقيقة الآخذ في التفاقم.