نموذج ترامب الجديد: فرصة لخلط الأوراق
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

•إن خطاب ترامب الذي اعترفت فيه الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل هو خطوة إيجابية، وبخلاف التخوفات التي أُثيرت في وزارة الخارجية الأميركية، وفي الإعلام الدولي، وفي دول عربية، لم نشهد بعد مرور أربعة أيام على الإعلان انفجارعنف غير مسبوق، ولم يشتعل الشرق الأوسط، بل شهدنا إمكانية وفرصة للدفع قُدُماً بعملية سياسية مختلفة في أوضاع مختلفة عن  تلك التي تعودنا عليها. إن خطاب ترامب يشجع على مقاربات جديدة، وعلى إعادة فحص فرضيات العمل والنماذج التي قادت عملية السلام خلال ربع القرن الماضي.

•لم يتأثر ترامب بالتهديدات التي وصلت من رام الله، ومن عمّان، ومن أنقرة، ورفض الخضوع للتهديدات والابتزاز والمواقف المتشددة، بالإضافة إلى الرسالة القاطعة بأنه لا يوجد هناك فيتو فلسطيني، هما سابقتان مهمتان جداً من أجل مواصلة العملية السياسية. لقد حان وقت التخلي عن السياسة غير العقلانية القائمة على محاولة تكرار السياسة عينها وانتظار نتيجة مختلفة. لقد قاد التمسك بالنموذج عينه مدة 25 سنة إلى حائط مسدود، وتحمل خطوة ترامب إمكان إعادة خلط الأوراق، وتشجع على تفكير مبدع من خارج الأُطر المعروفة. 

•من المهم التشديد على أن التصريح حافظ على أُطر المفاوضات المعروفة (دولتان بموافقة الطرفين، وحسم المشكلات الجوهرية من خلال المفاوضات، ولا تغيير في الوضع الراهن)، لكن سياسة الولايات المتحدة فتحت  الباب أمام أفكار جديدة، وشكلت تحدياً لمبدأ "لا شيء يُتفق عليه قبل الاتفاق على كل شيء". ومن المهم أن تكون إسرائيل مستعدة لتحريك هذه الخطوة الإيجابية، وأن تفحص هي أيضاً فرضيات عملها في مواجهة الفلسطينيين. لدى حكومة إسرائيل فرصة  استراتيجية نادرة لبلورة تسوية مع الفلسطينيين وفق أُطر ملائمة أكثر من تلك التي حاولت إدارة أوباما فرضها.

•على صعيد الوعي، فإن السردية التي قدمها ترامب بشأن "القدس اليهودية" أثارت غضب الفلسطينيين، الذين يصعب عليهم قبول العلاقة التاريخية اليهودية بالقدس. وكانوا قد أملوا خيراً بقرار الأونيسكو بشأن القدس، ولم يفهموا أنه في المعركة الدبلوماسية (التي فضّلوا خوضها في السنوات الأخيرة) يملك الطرفان القدرة على المناورة. على الصعيد العملي، ويؤكد الخطاب، بخلاف ما يعتقده الفلسطينيون، أن الزمن لا يعمل لمصلحتهم، وأن الاستمرار في الرفض المنهجي لأي تسوية، سيساعد فقط إسرائيل في تحقيق مطالبها على حسابهم.

•قبل سنة فقط، كان الوضع مختلفاً بصورة كاملة. ففي الأشهر الأخيرة لولايتها استخدمت إدارة أوباما قرار مجلس الأمن في الأمم المتحدة 2334، الذي منح الفلسطينيين شعوراً بأن الأكثر أهمية بالنسبة إليهم سيُحدَّد قبل المفاوضات، لذا لم يسارعوا إلى الدخول فيها، وما أساء أكثر هو الحديث الذي نُقل عن وزير الخارجية الأميركي آنذاك، جون كيري، الذي قال: "إسرائيل ستكون عرضة للهلاك من دون اتفاق". لقد شكل هذا حافزاً مهماً بالنسبة إلى الفلسطينيين للإصرار على التمسك بأطر لا تستطيع إسرائيل قبولها. وعملياً فإن تأثير القرار 2334 كان معاكساً لما توقعه الذين بادروا إلى طرحه.

•في إمكان سياسة الولايات المتحدة الجديدة بزعامة ترامب إصلاح كثير من الضرر الذي تسبب به قرار الأمم المتحدة 2334. وعلى الصعيد العملي ، يدل خطاب ترامب، بخلاف الأجواء التي كانت سائدة في إدارة أوباما، على أن استمرار رفض الفلسطينيين التوصل إلى اتفاق أو تسوية في الوقت الحالي سيفسَّر  بأنه تضييع الفرصة مرة أُخرى. يجري هذا في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل تعزيز قوتها عسكرياً، واقتصادياً، وسياسياً. إن رد الزعامة الفلسطينية الذي تلوح معالمه هو تبنّي استراتيجيا الدولة الواحدة وليس استراتيجيا الدولتين، ورفض قبول الولايات المتحدة كوسيط محايد، وهذا وهم فلسطيني لا صلة له بالواقع، ولا أهمية له كثيراً في مواجهة التعاون الإسرائيلي - الأميركي، ونموذجه الخطوة الأخيرة.

•يتعين على إسرائيل عدم تضييع فرصة التغيّر في نموذج عملية السلام كما يقترحه ترامب. وفي الوقت الذي تملك فيه إسرائيل شبكة علاقات مزدهرة مع الإدارة الأميركية ومع الرئيس في واشنطن، يجدر استغلال الفرصة من أجل المضي قُدُماً معاً  في الموضوعات الجوهرية للأمن القومي. 

•يعتبر العالم العربي السني الذي تقوده السعودية الطموحات النووية الإيرانية، وتنظيم داعش والإخوان المسلمين، تهديدات مركزية عليه، لذا فإنه سيكون شريكاً طبيعياً في عملية سلام إقليمية شاملة ضمن نموذج محدّث. 

 

•إن حل المشكلة الفلسطينية هو قبل شي، مصلحة إسرائيلية من الدرجة الأولى، وسيسمح لإسرائيل بترسيم حدودها وتحديد طابع دولتها. وسنندم ندماً كبيراً إذا اكتفت إسرائيل بالوضع الراهن وارتاحت من إلقاء تهمة الجمود السياسي على الفلسطينيين. أمامنا نافذة فرصة استراتيجية نادرة  يجب علينا استغلالها.  

 

 

المزيد ضمن العدد 2749