في سورية، روسيا هي التي تفرض الوقائع على الأرض
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•بعد مرور 3 أيام على توقيع الاتفاق الثلاثي بين روسيا والولايات المتحدة والأردن بشأن إجراءات وقف إطلاق النار هناك، تراجع لافروف عن البند في الاتفاق الذي يطالب بإبعاد جميع القوات الأجنبية عن الأراضي السورية. وادّعى أن الوجود الإيراني في سورية شرعي، ولهذا لا تتعهد روسيا بأن تفرض على الإيرانيين سحب قواتهم من سورية. 

•تستند حجة موسكو التي لها صلة أيضاً بالقوات الروسية نفسها، إلى حقيقة أن نظام الأسد هو الذي دعا روسيا وإيران. وعلى ما يبدو، فإن هذه الدعوة تمنح شرعية لوجود قوات هاتين الدولتين في سورية. الأمر الوحيد الذي وافق عليه الروس هو الاتفاق على إبعاد الإيرانيين والميليشيات الشيعية التابعة لهم، إلى مسافة 5 كيلومترات عن خطوط التماس مع المتمردين. بالنسبة إلى إسرائيل، فإن مغزى ذلك هو وجود الإيرانيين في الجولان على بعد 20 كيلومتراً عن حدودها، وذلك بحسب المناطق التي يسيطر عليها المتمردون. وهذ هو سبب خيبة الأمل الإسرائيلية من الاتفاق الذي يأخذ بعداً أقوى في ضوء تصريح لافروف.

•كلام وزير الخارجية الروسي انطوى على رسالة أخرى: "موسكو هي التي تحدد ما سيجري في سورية". إن صمت الأميركيين بعد وقت قصير من تباهي وزارة الخارجية في واشنطن في بيان موجه الى الصحافيين يتحدث عن إبعاد القوات، يثبت مرة أخرى من هو رب البيت الحقيقي في سورية. إن سبب التأييد الروسي لإيران على الرغم من العلاقات الوثيقة والجيدة بصورة عامة مع إسرائيل بسيط: الإيرانيون ووكلاؤهم مثل حزب الله يزودون الروس ونظام الأسد بقوات برية يتوقف عليها صمود الأسد. وفي نظر الروس فإن بقاء النظام الحالي هو المهمة الأولى من حيث الأهمية لأن ذلك يضمن لهم المحافظة على جميع المزايا: صورة قوة عظمى دولياً، الاحتفاظ بمرفأ طرطوس على ساحل البحر المتوسط، إمكان عقد اتفاقات تجارية، وانتصار الأسد في المعركة ينطوي على ذلك كله. صحيح أن روسيا لا تتدخل عند ورود تقارير بشأن قصف إسرائيل شحنات سلاح موجهة إلى حزب الله في سورية (ما دام هذا القصف لا يعرض الجنود الروس للخطر)، لكن ليس لديها أي سبب يدفعها إلى الاستجابة للمطالبات الإسرائيلية بإبعاد الإيرانيين.

•هذا الأسبوع أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن الاتفاق الثلاثي لا يُلزم إسرائيل. وهدد وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان بأن إسرائيل لن تسمح بتمركز إيراني في سورية، ولن توافق على أن تتحول سورية إلى موقع أمامي ضد إسرائيل "ومن لم يفهم ذلك، من الأفضل أن يفهمه".

•على ماذا تدل التهديدات الإسرائيلية؟ العميد في الاحتياط آسف أوريون، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي والذي كان رئيساً للشعبة الاستراتيجية في رئاسة الأركان العامة، قال لـ"هآرتس" إن "إيران تخوض حرباً ضد إسرائيل بواسطة وكلائها منذ عدة عقود، ويبدو للمرة الأولى أن الإيرانيين، وعلى رغم أنف السعوديين، يعدون العدة لإقامة بنية تحتية مهمة في سورية: قواعد، مرفأ بحري، معامل سلاح، قوات عسكرية دائمة. عندما تقول إسرائيل إنها ترفض ذلك، فهي تحاول فرض قواعد لعبة جديدة. والمسألة هي أنه أكثر من الماضي، تحولت الجبهة الشمالية بالنسبة لإسرائيل إلى جبهة كبيرة واحدة، حيث اختفت تماماً الحدود بين سورية ولبنان. وهنا يجب أن نسأل أنفسنا: متى ستحين اللحظة التي سنردّ فيها".