رهان غباي على إرضاء اليمين والمتدينين بمهاجمة اليسار لن ينجح
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

– NRG

•لنفترض أن رئيس الحكومة نتنياهو أخذ الميكروفون في جلسة عقدتها كتلة الليكود أو في لقاء يميني آخر، وشن هجوماً على القاعدة التي تؤيده قائلاً: "المستوطنون داخل الليكود وخارجه نسوا قيم السلام للشعب اليهودي. ونسوا الحرص على الجار، وحرية كل انسان لا يريد العيش تحت العبودية، ونسوا الفترة التي كان فيها شعبنا يعيش تحت ظل احتلال يوناني وروماني وحشي. لقد نسوا الحل الوحيد، تقسيم أرض إسرائيل إلى دولتين، الأمر الذي يتطلب إخلاء أغلبية المستوطنين من منازلهم."

•من المحتمل أن تكون فرضية عمل نتنياهو عندئذ هي التالية: "المستوطنون سيغضبون عليّ، عظيم، ماذا سيفعلون؟ هل سيذهبون مع اليسار؟ ومع ميريتس؟ إنهم سيبقون ضمن كتلة يمينية - دينية – حريدية. في المقابل سأحصل على المزيد من المقاعد من الوسط، وربما أيضاً من اليسار قبل الانتخابات". هذه كانت تقريباً فلسفلة آفي غباي، رئيس حزب العمل عندما صرّح بأن "اليسار نسي كيف يكون يهودياً".

•ولكن غباي قرر سحب الحجر الأخير في الجدار المضعضع لليسار. وبعد أن دمر جدول الأعمال السياسي لحزب العمل وحركة ميرتس (بقوله "لن يجري اخلاء مستوطنات") قال: لا يوجد شريك فلسطيني؛ وبعد أن دمر التصور الاجتماعي الإشتراكي (غباي مليونير ونصير السوق الحرة)؛ وبعد أن بعث برسائل مختلفة إلى العديد من زملائه الليبراليين في اليسار ("كل يهودي يجب أن يؤمن بالله")؛ ها هو اليوم يتوجه نحو إهانة ناخبيه والذين يصوتون له شخصياً. 

•يقول رئيس حزب العمل  في قرارة نفسه إن ناخبي اليسار سيبقون معه ولن يذهبوا إلى مكان آخر. وما تبقى له هو تملق اليمين المعتدل والجمهور التقليدي. فهل هذا هو الطريق؟ ليس أكيداً. لو قرر نتنياهو إدارة ظهره لحزب البيت اليهودي وحزب إسرائيل بيتنا والحريديم، فإنه لن يفوز بالانتخابات، وهو يدرك ذلك جيداً. ولهذا السبب يكفي أن تتظاهر ثلاثة أيام تحت بيت رئيس الحكومة لتحصل على شيك بـ200 مليون شيكل، المبلغ الذي خصصته الدولة ليوسي دغان قبل أسبوع من أجل الطرقات في شومرون [منطقة السامرة]. 

•هكذا يتصرف غباي أيضاً. لقد استقبل المعسكر الصهيوني تصريحه باستياء كبير، والغضب عليه كبير، تماماً مثل التصريحات السابقة وربما أكثر، لأن هذه التصريحات ألحقت ضرراً مباشراً بأنصار اليسار الذين لم ينسوا قط أنهم يهود. لقد اضطر غباي إلى أن يشرح المرة تلو الأخرى مواقفه وتصريحاته، لكن ليس الجميع مستعداً للاقتناع بتفسيره. في هذه الأثناء فقط تتصاعد الأصوات داخل المعسكر الصهيوني، ولا يتجرأ أحد على توجيه انتقادات علنية له، لأنه حتى الآن لا يرغب أحد في أن يكون أول من يضحي بحظوظ رئيس العمل في الفوز في الانتخابات.

 

•إن رهان غباي واضح. هو يغادر لبرهة مرماه، ويشن هجوماً في مرمى آخر. وهذا رهان صعب لأن الجمهور لا يحب زعيماً لا يحبه. من المعقول افتراض أن غباي مسرور من مديح الحريديم لمواقفه الدينية، وربما يأمل أن يؤيده هؤلاء في النهاية. يجب أن نذكّر غباي بأن آرييه درعي [زعيم حزب شاس الذي يمثل المتدينين الشرقيين] وعد قبل 3 سنوات رئيس حزب العمل الذي سبقه يتحساق هيرتسوغ، بأن يصبح رئيساً للحكومة. ومن المفيد أن نتذكر قول شمعون بيريس عندما كان رئيساً لحزب العمل: " قالوا لي أرسل الخبز إلى الحريديم، أرسلت إليهم مخابز كاملة، لكن هذا لم ينفع".