احتفالات الحماقة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•مساء أمس، وبحضور رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وقسم من وزراء الحكومة (في الأساس من الليكود ومن البيت اليهودي)، جرى في غوش عتسيون "احتفال بمرور خمسين عاماً على تحرير يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، ووادي الأردن، وهضبة الجولان". وقام بنقل الحدث مركز الدعاية في وزارة الثقافة. ونظراً إلى أن ما يجري هو احتفال رسمي، فقد تقرر أن يمثل قاض من محكمة العدل العليا السلطة القضائية وفقاً لما هو معتمد في البروتوكول. لكن عندما اطّلعت رئيسة محكمة العدل العليا مِريام ناؤورعلى مضمون الاحتفال الذي هو موضوع خلافي، ألغت مشاركة ممثل السلطة القضائية القاضي نيل هاندل. وأيضاً طلب عضو الكنيست عيساوي فريج (من ميرتس) من رئيسة محكمة العدل العليا إلغاء إرسال ممثل عنها بحجة أن الاحتفال حدث سياسي. 

•حسناً فعلت ناؤور عندما ألغت مشاركة ممثل عن السلطة القضائية في الاحتفال. في إمكان وزيرة العدل أيّيلت شاكيد ووزير السياحة ياريف ليفين ووزيرة الثقافة ميري ريغيف، اتهام السلطة القضائية بالتسييس، لكن هذا تلاعب كاذب. فما جرى لا علاقة له بالرسمية، بل هو احتفال سياسي واضح يغيّر بصورة علنية المصطلح الرسمي للمناطق إلى مناطق محررة. 

•إن النظرة التي تقول إن إسرائيل لا تحتل بل تحرر، تمثل الخلاف السياسي الداخلي المركزي في إسرائيل. المجتمع الإسرائيلي منقسم بشأن مسألة المناطق وبشأن مستقبلها. بناء على ذلك، فإن "احتفالاً" يغيّر الرواية الرسمية لدولة إسرائيل بشأن المناطق لا يمكن أن يكون رسمياً. إن الجمهور الديمقراطي والذي يحترم القانون في إسرائيل والعالم، لا يمكنه اعتبار السيطرة بالقوة على مليوني إنسان ليسوا مواطنين إمكانية رسمية شرعية.

•لقد احتلت إسرائيل المناطق قبل 50 عاماً، ولو لم يكن هناك خلاف بشأن السيادة عليها لكانت ضمتها منذ زمن طويل، ولكانت فرضت سيادتها عليها ومنحت المواطنية لمليوني فلسطيني. 

•لكن حتى الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل تدرك أن المناطق محتلة، وأنه ليس لإسرائيل سيادة عليها، وهي تدرك أن استمرار سيطرتها العسكرية على المناطق وعلى السكان الفلسطينيين أمر غير قانوني. 

•إن مطالبة المحكمة بإرسال ممثل عنها للمشاركة في الاحتفال بأكبر بليّة قانونية في الدولة، مرفوضة من الأساس. والسؤال الحقيقي ليس هو لماذا لم تشارك السلطة القضائية في الاحتفال بمرور 50 عاماً على المشروع الاستيطاني؟، بل السؤال هو: كيف لا تخجل حكومة إسرائيل من إقامة احتفال كهذا؟ والمشكلة الحقيقية ليست مع مِريام ناؤور، بل هي مع رئيس الحكومة الذي أثبت مرة أخرى بتعهده بـ"عدم اقتلاع مستوطنات من أرض إسرائيل" أن الطابع الأساسي الذي يميز فترة حكمه هو الخضوع للمستوطنين. الحفل الذي أقيم بالأمس في غوش عتسيون هو احتفال حماقة وظلم مستمرين منذ 50 عاماً.