•سأبدأ بالأخبار السيئة: كان للحكومة الألمانية المنتهية ولايتها انتقادات كثيرة ضد سياسة إسرائيل الاستيطانية في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]. وأتابع بالأخبار الأسوأ: ألمانيا تمول منظمات يسارية وتنظيمات معادية لإسرائيل. ليس هذا فحسب، إذ بالإمكان أن نجد اليوم في ألمانيا عداء للسامية وعداء لإسرائيل منتشرين خصوصاً في أوساط اليمين المتطرف ولدى جزء من اليسار، وبالطبع في أوساط اليسار المتطرف والمهاجرين.
•وكل هذا له علاقة بتوجه المواطنين الألمان اليوم إلى صناديق الاقتراع لانتخاب حكومتهم المقبلة، ورئيستها (أو رئيسها). صحيح أننا عندما نقرأ عدداً غير قليل من التعليقات ومن التقارير في وسائل إعلام دولية يتكون لدينا انطباع بأن الفائز معروف سلفاً، وأنه لا يوجد في ألمانيا مشكلات حساسة، لكن هذه الانتخابات تمس إسرائيل جداً، وأعتقد أن فوزاً ساحقاً لأنجيلا ميركل وحزبها، حزب الاتحاد المسيحي – الديمقراطي، مهمان جداً لاستمرار نجاح العلاقات بين الدولتين.
•في أوساط اليمين في وسائل التواصل الاجتماعي، يمكننا أن نرى انتقادات كثيرة موجهة إلى ميركل، ليس فقط بسبب التزامها تجاه قيام دولة فلسطينية، بل أيضاً بسبب سياستها حيال الهجرة. كما أن قرارها استيعاب ملايين المهاجرين في أوروبا مع فرض سياسة مثيرة للجدل على سائر الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، تولّد انطباعاً بأن المستشارة اختارت توجهاً إشكالياً، خصوصاً حيال إسرائيل. لكنني أعتقد أن هذا ليس صحيحاً.
•في كانون الأول/ديسمبر 2016، دُعيت كضيف لحضور مؤتمر الاتحاد المسيحي الديمقراطي في مدينة إسن [Essen]. أعاد حزب ميركل انتخابها من جديد رئيسة له، وفوضها خوض الانتخابات. وليس هذا مفاجئاً، إذ تتمتع ميركل بشعبية داخل حزبها مثل الشعبية التي يتمتع بها نتنياهو في الليكود، ولكن ما فاجأني جداً هو الموقف تجاه إسرائيل. في هذا المؤتمر الذي يمثل المزاج السائد، ظهر الحب لإسرائيل في كل الاتجاهات، وتجلى ذلك بإدخال الحزب إلى برنامجه مبدأ أن أمن إسرائيل مصلحة ألمانية، لا أقل. وبالاضافة إلى ذلك، وافق الحزب على اقتراح القرار الذي شبّه حركة المقاطعة الـBDS بالعداء للسامية.
•علينا ألا ننسى أن ألمانيا ميركل نقدية حيال إسرائيل في الموضوع الفلسطيني فقط، لكن في أي موضوع آخر فإن العلاقات بين الدولتين هي أكثر بكثير من علاقات عادية بين دولتين. إن المساعدة التي تقدمها ألمانيا لإسرائيل في المنظمات الدولية لا تحتل المكان الذي يليق بها في وسائل الاعلام الإسرائيلية. والعلاقة الإنسانية بين الشعبين والتعاون بين الدولتين لم يكونا قط أكثر عمقاً مما هما عليه اليوم، وثمة فضل كبير لميركل في ذلك يجب ألا ننساه. ومنذ العام 2005 تدعم ميركل عدداً لا يحصى من المبادرات التي تساعد العلاقات مع إسرائيل. وهي التي بادرت، مثلاً، مع رئيس الحكومة نتنياهو إلى الدعوة إلى عقد الجلسات المشتركة بين حكومتي إسرائيل وألمانيا والتي من المتوقع أن تُستأنف بعد الانتخابات. إن فوز اليسار الألماني بزعامة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحافل بناشطين معادين للإسرائيليين ومعادين للسامية، يمكن أن يعكس وجهة المسار التاريخي. كما أن زيادة قوة حزب البديل من أجل ألمانيا (AFD)، حيث العديد من قادته وأعضائه من المعادين البارزين للسامية، يمكن أن ينشأ عنه مسار رجعي يتطلب إصلاح أضراره وقتاً طويلاً. لذا يتعين على كل إسرائيلي وكل يهودي وكل من يهمه إسرائيل واليهود، أن يفهم أن فوز ميركل الواضح هو مصلحة إسرائيلية واضحة.
•ماذا بشأن مبدأ دولتين لشعبين وسياسة الاستيطان في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]؟ لقد أثبتت ميركل أكثر من مرة أنها على الرغم من الاختلافات التي هي ليست قليلة، فقد استطاعت إنشاء قنوات كافية للحوار وقاسم مشترك واسع، ويجب أن نصلي ونأمل أن تنجح في هذه المسألة أيضاً.