•عقدت مجموعة كبيرة من كبار الضباط والمسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية الأسبوع الفائت اجتماعاً في إحدى القواعد العسكرية في المنطقة الجنوبية لمناقشة مسألة "كيف يمكن هزم حماس [في أي مواجهة عسكرية مقبلة بينها وبين إسرائيل]؟". ويمكن التعامل مع هذا الاجتماع بصفته استشارياً، لكن من جانب آخر يمكن أن ننظر إليه بأنه إشارة ممكنة إلى تغيرات في الاستراتيجية الإسرائيلية حيال هذه الحركة.
•بناء على ذلك، فإن السؤال المطروح هو: هل في جولة القتال المقبلة بين الجانبين لن تكتفي اسرائيل بردع "حماس" كي لا تطلق الصواريخ والقذائف من قطاع غزة نحو الأراضي الإسرائيلية، وتعمل بدلاً من ذلك للقضاء على حكمها في القطاع؟
•من الصعب أن نعرف الجواب عن هذا السؤال في المرحلة الحالية، ولذا سنكتفي بالإشارة إلى ما يلي: إن من بادر إلى عقد هذا الاجتماع حول طرق هزم "حماس" هو قائد المنطقة العسكرية الجنوبية اللواء إيال زمير، لكن يمكن ترجيح أن أوامر عقده صدرت عن وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان الذي سبق له أن أكد أكثر من مرة أثناء وجوده في المعارضة أن اسرائيل يجب أن تعمل على القضاء على حكم "حماس" واغتيال رؤسائها. لا يمكن معرفة ما إذا كان سيتم توجيه مثل هذا الأمر إلى الجيش الاسرائيلي في حال اندلاع جولة قتال جديدة مع "حماس"، لكن يبدو أنه في حال صدور أمر كهذا فإن الجيش الاسرائيلي مستعد لتنفيذ ذلك أكثر من أي وقت مضى.
•على صعيد آخر لوحظ أن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ["أمان"] اللواء هرتسي هليفي وجه الأضواء أكثر نحو حزب الله، كما دل على ذلك الخطاب الذي ألقاه في مؤتمر هرتسليا أخيراً. واعتبر هليفي أن حزب الله يشكل العدو الأكثر خطراً على إسرائيل في الوقت الحالي، وكشف أن إيران أقامت بنى تحتية لإنتاج آليات قتال متطورة على أرض لبنان.
•ولم تمر أيام إلا وقام مقاتلون تابعون لجيش الرئيس السوري بشار الأسد بتسخين جبهة هضبة الجولان في المنطقة الشمالية. وجرى هذا التسخين في إثر قيام قوات الأسد بصدّ هجوم للمتمردين من رجال جبهة النصرة التابعين للقاعدة في تلك المنطقة، وإطلاق قذائف هاون سقطت أكثر من 10 منها في الأراضي الإسرائيلية من دون التسبب بوقوع إصابات بشرية. وأدى ذلك إلى قيام إسرائيل بالردّ تنفيذاً لسياسة عدم التهاون في الرد على أي إطلاق نار باتجاه أراضيها حتى لو كان من طريق الخطأ.
•وبالعودة إلى حزب الله نشير إلى أنه بالتزامن مع أقوال هليفي في مؤتمر هرتسليا أجري نقاش أمني على مستوى عال حول وضع الحزب في صيف 2017 كشفت التفاصيل الكثيرة التي عرضت خلاله صورة معقدة وليست ذات بعد واحد.
•ووفقاً لهذه التفاصيل، يتمتع حزب الله بقوة عسكرية غير عادية خصوصاً وأنه بات يمتلك 150,000 صاروخ أغلبها مزود بمنظومة "جي. بي. إس" ومنظومة ضخمة من طائرات بدون طيار. وفي المقابل، فإن ثلث قواته يقاتلون في سورية واليمن بأوامر من إيران. كما أن الميزانية المُخصصة له من طهران قلصت، وحقيقة أن الرئيس اللبناني ميشال عون اعتبر حزب الله جزءاً من الجيش اللبناني تمنح إسرائيل مزيداً من الشرعية لمهاجمة مؤسسات الحكم اللبنانية في أي معركة مقبلة.
•كما تبيّن أن حزب الله أصبح خاضعاً بصورة شبه كلية لسيطرة إيران، ويعاني خسائر فادحة وصعوبات في التجنيد. وفي حال خروج حزب الله لخوض معركة ضد إسرائيل فسيكون ذلك نتيجة تحليل خطأ للوضع أو تصعيد غير منضبط وخلافاً لموقف إيران التي بنته كقوة ردع ضد مهاجمة مقارّ البرنامج النووي الخاصة بها.
•مع أنه يبدو في الظاهر أن أياً من الجانبين [إسرائيل وحزب الله] غير معنيّ بتصعيد الأوضاع، إلا أن هناك خطوة إسرائيلية ستخرج للتنفيذ في الأسابيع القليلة المقبلة قد يترتب عليها تصعيد ما. والمقصود بدء أعمال إقامة جدار وعائق جديد متطورين على طول منطقة الحدود مع لبنان بما في ذلك في منطقة هار دوف [مزارع شبعا] الجبلية. ومن شأن الجدار والعائق أن يزيدا صعوبة سيطرة حزب الله على مناطق إسرائيلية صغيرة في بداية أي معركة مستقبلية مثلما يخطط. وفي الوقت نفسه قد تؤدي الأعمال الكثيرة في إقامة الجدار والعائق إلى أحداث محلية، وربما تمتد إلى تبادل إطلاق نار وإلى ما هو أبعد من ذلك. يبدو أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تستعد أيضاً لسيناريو كهذا بالتوازي مع التمهيد لبدء الأعمال الهندسية.