•إن أحد الأسباب الأساسية لعودة زعيم حزب الله، حسن نصر الله، إلى تهديد إسرائيل، وعرض بنك أهداف والتهديد بغزو محتمل في أثناء الحرب، له علاقة بإعلان إدارة ترامب أن الخيار العسكري في مواجهة إيران مطروح مجدداً على الطاولة.
•ما علاقة هذا بذاك؟ إن نصر الله، حليف الإيرانيين، والذي يحصل تنظيمه على مساعدة ضخمة منهم من السلاح المتطور والمال، يُلمّح لإسرائيل أنه إذا قررت الولايات المتحدة أو إسرائيل في المستقبل مهاجمة إيران لمنعها من الحصول على سلاح نووي، فإنه بالإضافة إلى هجوم إيراني مضاد على إسرائيل، سيكون حزب الله قادراً على إلحاق ضرر هائل وواسع بالجبهة الداخلية الإسرائيلية، وربما غزو إسرائيل أيضاً.
•لقد سبق لنصر الله إثبات أنه رجل استراتيجي محنّك. وبعد نجاح نظام الأسد الذي يحظى بدعم روسي وإيراني وبدعم من حزب الله، في تثبيت وضعه موقتاً، يدرك حزب الله الذي تكبد خسائر جسيمة في سورية، هشاشته في هذه الفترة من الزمن، وضعفه النسبي بسبب نزف دماء مقاتليه في سورية، وهو لذلك يحاول أن يخلق ردعاً من جديد في مواجهة إسرائيل.
•إن جميع مسؤولي المستوى العسكري - الأمني في الولايات المتحدة: وزير الدفاع ماتيس، ورئيس السي آي إي، ورئيس وزارة الأمن القومي كالي، ومستشار الأمن القومي مكماستر، يعتبرون إيران عنصراً استفزازياً وخطراً يشجع على الإرهاب في المنطقة. وهم عبروا عن ذلك أكثر من مرة. وكونهم شخصيات عسكرية رفيعة، فهم يعرفون ماذا تفعل إيران في المنطقة ولا يحاولون أن يجملوا الوضع أو يجدوا له تفسيرات أو ذرائع.
•وزيارة كبار المسؤولين في إدارة ترامب لحلفاء الولايات المتحدة التقليديين في أماكن مختلفة من العالم (كوريا الجنوبية، إسرائيل ، حلف شمال الأطلسي)، هدفت بالدرجة الأولى إلى التلميح لأعدائهم بأن الولايات المتحدة تدعم حلفاءها، وهذا يعرف في الأدبيات المهنية بالردع الموسع، وتعزيز العلاقة، وترسيخ الالتزامات المتبادلة بين الإدارة الأميركية وحلفائها.
•وبخلاف إدارة أوباما التي كانت نقدية حيال حلفاء الولايات المتحدة ومتساهلة حيال أعدائهم، فإن داعش وإيران يحظيان حالياً بأولوية عليا لدى الأميركيين كتهديد في منطقتنا. إن زيارة الرئيس ترامب إلى السعودية وإسرائيل، بالإضافة إلى أهميتها في ما يتعلق بالمفاوضات السياسية، تهدف إلى دعم حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة في مواجهة داعش، وتعزيز تحالفات الولايات المتحدة الرسمية وغير الرسمية، وإظهار التزامها من جديد من خلال زيارات متكررة لكبار المسؤولين في الإدارة الأميركية.
•في ضوء تعاظم قوة المحور الراديكالي في مواجهة إسرائيل والمؤلف من "داعش، "حماس"، حزب الله، اقترحتُ في الفترة الأخيرة إدخال مصطلح جديد هو التكيف (adaptation) - أي التكيف الملائم مع المتغيرات المتلاحقة والقوية في منطقتنا، وذلك كمكون إضافي في عقيدة إسرائيل الأمنية، إلى جانب المكونات الأربعة التقليدية: الإنذار، والردع، والحسم، والدفاع. إن إسرائيل تردّ أكثر من اللازم وتبادر أقل من اللازم. وفي غياب التكيف نشأ نوع من الجمود الفكري والتكلس في المؤسسات. ركود. حان الوقت لأن يأخذ التكيف على الصعيد السياسي شكل مبادرة وبمساعدة من إدارة ترامب يجب استغلال الفرص التي نشأت حيال الدول السنية المعتدلة التي تكره داعش وتخاف إيران.
•إذا كان صحيحاً تقرير مجلة "وول ستريت جورنال" الذي جاء فيه أن دول الخليج وعلى رأسها السعودية مستعدة لتحسين علاقاتها الاقتصادية مع إسرائيل مقابل تجميد الاستيطان خارج الكتل الاستيطانية الكبرى، فإنه يجب استغلال الفرصة النادرة لكون إدارة ترامب تتماهى مع تسوية إقليمية تضعف المحور الراديكالي. إن المراوحة في مكان واحد هي أيضاً ليست جيدة بالنسبة لأمن إسرائيل، وتفوّت الفرصة لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية في الخليج وفي دول إسلامية أخرى، على صعيد السياحة، والعلاقات التجارية، والاقتصاد، والاستثمارات المالية.