•أجبر الرئيس الإيراني حسن روحاني، بصورة غير مباشرة، حزب الله على تقليص حجم قواته خاصة تلك العاملة في سورية. قد يبدو هذا القول غريباً: ما علاقة الرئيس روحاني- الذي ليس من ضمن صلاحياته التأثير في نشر الثورة الإسلامية خارج إيران- بمصير حزب الله؟ يتضح أن الفوز الساحق الذي حققه روحاني في الانتخابات الرئاسية قد تكون له انعكاسات جوهرية على التدخل التآمري الإيراني في الشرق الأوسط، وعلى دعم طهران للتنظيمات الإرهابية المختلفة، وبالتالي على الوضع الأمني لإسرائيل.
•من بين المواجهات الدائمة بين روحاني وأعضاء الحرس الثوري طوال فترة ولايته السابقة وخلال المعركة الانتخابية الأخيرة كانت مسألة: إلى أين تتوجه الثورة الإسلامية الإيرانية؟ وبينما تحدث أعضاء الحرس الثوري المدعوم من المرشد الأعلى خامنئي عن مواصلة نشر الثورة خارج إيران كأولوية عليا، تحدث روحاني عن نظرة داخلية موجهة نحو داخل إيران، وعن التركيز على الاستقرار الاقتصادي. في الحرس الثوري تحدثوا عن زيادة التدخل في سورية وزيادة حجم قوات حزب الله فيها ودعم ذلك كله بالمال الإيراني. لكن روحاني المسؤول عن وزارة المال لم يكن مستعداً للدفع.
•يحاول روحاني تقليص تدخل الحرس الثوري ليس فقط خارج إيران بل في الاقتصاد الإيراني أيضاً. يسيطر الحرس الثوري على شرائح كاملة من الاقتصاد الإيراني- الصناعة العسكرية والنووية، والإعلام، والمواصلات البحرية والجوية- التي لا تساهم بأي شيء في تحسين مستوى حياة الفرد العادي. من هنا نشأت مطالبة روحاني بتقليص الدعم لحزب الله، الذي يتراوح سنوياً بين 700 مليون دولار ومليار دولار. وبسبب تأخر وصول الأموال الإيرانية اضطر حزب الله إلى تقليص وحدات وتخفيض رواتب والتقليل من الدعم لعائلات الشهداء.
•يقول روحاني: مهمة حزب الله الدفاع عن لبنان فقط، ونظراً إلى أن الحزب لا يهتم حالياً بالموضوع الإسرائيلي فيجب أن نقلص بصورة كبيرة الدعم المقدم له. ويعارض روحاني وجوداً واسع النطاق لوحدات الحرس الثوري [الإيراني] في سورية بسبب النفقات الكبيرة. علاوة على ذلك، فإن روحاني ليس مستعداً للاستمرار في الاستجابة لمطالب الحرس الثوري وتخصيص خط اعتماد مفتوح للنظام السوري. لقد انهارت الميزانية السورية ووضعت إيران بتصرف الرئيس الأسد منذ العام 2015 خط اعتماد مفتوح بقيمة ملياري دولار سنوياً. وفي 2016 برزت مطالبة بزيادة المبلغ لكن روحاني عارض. وفي النهاية جرى التوصل إلى حل موقت يقدم بموجبه إلى النظام السوري مبلغ أكثر تواضعاً. مما لا شك فيه أن فوز روحاني الساحق في الانتخابات الرئاسية سيكون له تأثير على حجم الميزانيات التي تخرج من طهران لدعم النظام السوري.
•في العام 2015، اغتيل جهاد مغنية المسؤول في حزب الله الذي عمل في هضبة الجولان، وأبو علي رضا رئيس شعبة العمليات في فيلق القدس التابع للحرس الثوري. وكان التقدير أن الحرس الثوري سيردّ بهجوم انتقامي ضد أهداف يهودية في الخارج. لكن كانت المفاوضات النووية في ذروتها، ونجح الرئيس روحاني الذي عارض أي عملية إرهابية في الخارج، في أن يفرض رأيه من خلال خامنئي. وعلى ما يبدو، فإن دبلوماسية الابتسامات لروحاني إزاء العالم، والتي تشمل أيضاً تخفيض الهجمات خارج إيران، مسألة لا يمكن الاستهانة بها. وفي رأي أتباع روحاني تصدير الثورة يجب أن يجري قدر الإمكان من دون استخدام وسائل عنفية. لكن إذا تسببت سياسة روحاني بضرر كبير لقوة الحرس الثوري الاقتصادية، أو عرقلت نشاطه في الخارج، فإن هذا يمكن أن يؤدي إلى صراع داخلي مرير ودموي.
•إن الرئيس الإيراني ليس إصلاحياً ليبرالياً، وهو غير قادر على التأثير في الموضوع النووي، ولن يتراجع العداء لإسرائيل في إيران. إن الجدل بينه وبين الحرس الثوري جدل إيديولوجي، لكنه في الأساس جدل اقتصادي بشأن سلم الأولويات، وربما نستطيع نحن أن نربح من ذلك شيئاً.