•إن السؤال المركزي الذي شغل هذا الأسبوع متخذي القرارات في إسرائيل هو: هل تغير شيء ما في الجبهة الشمالية في أعقاب الهجوم الأخير المعلن لسلاح الجو؟ وهل ارتفع احتمال حدوث تصعيد غير مرغوب فيه تجاه سورية وحزب الله؟
•يبدو أن الجواب على السؤالين هو: نعم. فبعد ست سنوات نجحت فيها إسرائيل في التأثير في القتال في سورية والبقاء خارجها، يبدو أن تحدي مواصلة القيام بذلك في المستقبل سيكون أكبر بكثير. إن سلسلة أحداث لا علاقة لها كلها بإسرائيل، والذي كان الهجوم القشة الأخيرة وليس الأهم فيها، تهدد بتغيير أمور في سورية من أساسها، وهي تفرض على إسرائيل أن تأخذ في حسابها عناصر أشد خطورة من الماضي.
•في الهجوم بحد ذاته، وفقاً للتقارير، لم يحدث شي استثنائي. وعلى ما يبدو كان المستهدف شحنات سلاح متطور كانت في طريقها من سورية إلى لبنان. في السنوات الماضية تحدثت التقارير عن عدد كبير من هذه الهجمات الإسرائيلية، ويمكن افتراض أن العديد منها بقي غامضاً سواء لعدم تحمل المسؤولة الإسرائيلية عنها أو بسبب امتناع سورية عن الرد عليها.
•وفقاً لما هو مُسلَّم به، ما لا يوجد تقارير عنه لم يحدث، استطاعت إسرائيل استغلال حرب الكل ضد الكل في سورية للمحافظة على مصالحها، وذلك لمعرفتها بأن احتمالات التدهور ضئيلة جداً، فالنظام السوري كان منشغلاً بالدفاع عن بقائه ولن يجازف بمناوشات عسكرية مع إسرائيل يمكن أن تؤدي إلى إلحاق الهزيمة به. الشروط الأساسية لهذه المعادلة تغيرت في الأسابيع الماضية. وللمرة الأولى منذ سنة 2011 يشعر الرئيس الأسد بالثقة النسبية في الحكم وفي حظوظه في البقاء.
•قد يحتاج الأسد إلى زمن طويل، ربما سنوات، لاستعادة السيطرة على كامل الأراضي في سورية. وهناك عدد لا بأس به من الخبراء يرون أن هذا لن يحدث قط، فهناك مناطق كاملة خاصة في شمال سورية وفي جنوب - شرق الدولة ستبقى تحت سيطرة كردية وسيطرة تنظيمات سنية مختلفة. لكن تحت توجه روسي واضح تدور حالياً معركة منظّمة المرحلة الأولى فيها هي ترسيخ "أسدستان" - تواصل سياسي يمتد من دمشق ويصل إلى المنطقة العلوية شمال غرب الدولة، حيث تتمركز القواعد وأغلبية القواعد الروسية، وستكون المرحلة المقبلة "تحرير" مناطق أخرى من يد المتمردين وضمها مجدداً إلى المنطقة الخاضعة لسيطرة الأسد.
•من يرجع إليه الفضل في جزء من نجاح الأسد هو الولايات المتحدة، وليس لأنها امتنعت عن إسقاطه. فالمعركة الموازية التي تخوضها الولايات المتحدة ضد داعش في العراق وسورية فعالة أكثر بكثير مما يحكى عنها، وقد أجبرت التنظيم على خوض صراع من أجل البقاء وأرغمته على تقليص مناطق سيطرته والانتقال من الهجوم واحتلال مناطق جديدة إلى جهد دفاعي مركز. هذه النجاحات تقود روسيا إلى توسيع المعركة بحيث ستكون الأهداف المقبلة بالتأكيد المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش في الرقة ودير الزور، وكذلك تدمر. ومعنى هذا اتساع مجال الخطر بالنسبة إلى جميع الأطراف الأخرى الفاعلة في هذه المناطق، ومن بينها على ما يبدو إسرائيل.
•وكما يبدو أن هذا هو أساس الغضب الروسي من هجوم سلاح الجو في الأسبوع الماضي. ووفقاً للتقارير يوجد في المنطقة التي هوجمت بالقرب من تدمر قيادة روسية، ومن المحتمل أن القوات هناك شعرت بالخطر، أو أن طرفاً ما في موسكو أراد أن يرسم لإسرائيل حدوداً واضحة.
•يجب أن يكون واضحاً أن روسيا ليست معنية بمواجهة مع إسرائيل ولا بتصعيد بين إسرائيل وسورية. لكن إذا كانت حتى الآن انتهجت سياسة عدم اهتمام واضح بالضربات السرية التي تتعرض لها سورية وحزب الله من إسرائيل، فإن تلميح موسكو الأخير هو بمثابة تحذير هدفه تذكير من نسي بأن المصلحة الأساسية التي توجّه روسيا هي روسيا فقط.