•على الرغم من أن اللقاء بين نتنياهو وبوتين حظي باهتمام أقل في الصحف من لقاء رئيس الحكومة مع ترامب، إلا إنه لقاء لا يقل أهمية بل قد يكون أكثر أهمية. في الفترة الأخيرة زاد الأميركيون تدخلهم في محاربة داعش في سورية، وأرسلوا إلى هناك قوات برية- بصورة خاصة من أجل التوسط بين التنظيمات التي يمولونها- لكن حديث نتنياهو مع بوتين، على الرغم من أنه جرى تنسيقه مع ترامب، فهو بمثابة الحديث مع المسؤول الأول عما يجري في سورية.
•بعد مرور ست سنوات على الحرب في سورية، التي لم تنته بصورة نهائية بعد، فإنه يمكن القول بثقة إن المنتصر فيها هو بوتين وإيران وحزب الله اللذان ذهبا حتى النهاية في القتال إلى جانب الأسد، كلٌ لأسبابه الخاصة. لكن نتنياهو ليس الوحيد الذي يزور بوتين في هذه الأيام، ففي نهاية الشهر سيصل إلى روسيا أردوغان وروحاني أيضاً.
•من المحتمل أن نتنياهو يعرف شيئاً نحن لا نعرفه بشأن حظوظ تسوية سياسية في سورية، في وقت قريب مع بدء عهد ترامب. لكن يمكن الجزم بأن الإيرانيين في موازاة القتال الذي لا يزال مستمراً، بدأوا بتسجيل وقائع على الأرض وتوزيع الغنائم.
•لقد وظفت إيران موارد كبيرة في سورية، سواء بصورة مباشرة أم من طريق حزب الله. وهي دفعت ثمناً باهظاً وتعرضت للنقد الداخلي، وهي تنتطر أجراً مقابل ما فعلته. والمطالبة بمرفأ بحري هو فقط نموذج واحد. فالإيرانيون لن يتخلوا بسهولة عن وجودهم ونفوذهم في سورية: العسكري والسياسي والاقتصادي والديني.
•وحتى بوتين يعرف ذلك، لكن نتنياهو يعرف أيضاً أن بوتين ليس متحمساً لذلك. فالروس أيضاً يريدون استرجاع ما استثمروه في سورية على شكل نفوذ إقليمي ومصالح اقتصادية. من جهة أخرى، ثمة أمر أثبته بوتين هو أنه بخلاف الأميركيين يقف إلى جانب حلفائه.
•إن إدارة الوضع في سورية مهمة دبلوماسية معقدة وتتطلب براعة من جهة وصرامة من جهة أخرى. لقد أعد نتنياهو الأرضية لهذه اللحظة المنتظرة من خلال عملية إعادة الحرارة إلى العلاقات مع بوتين والتأسيس لدينامية تنسيق عسكري بدأ تطبيقها في عهد أوباما، عندما كان واضحاً أن التدخل الروسي في سورية يزداد عمقاً بحيث تحول إلى سيطرة أمر واقع.
•من الواضح أن بوتين معنيّ بالمحافظة على علاقات جيدة مع إسرائيل- القوة العظمى الإقليمية وحيث يوجد جمهور روسي كبير- لكن الواقع في سورية الجديدة يمكن أن يصبح استفزازياً جداً بالنسبة إلى إسرائيل. والواقع الذي كان سائداً في السنوات الأخيرة مثل انهيار الجيش السوري وانشغال حزب الله بسورية وليس بنا، يمكن أن يتغير.
•إذا لم نوقف المسار الحالي، فإن سورية يمكن أن تتحول إلى دولة حيث تكون مناطق بأكملها خاضغة لسيطرة أمر واقع من جانب الحرس الثوري الإيراني وحزب الله. وهذا تطور خطر جداً، ويبدو أن نتنياهو يدرك أن منع حدوث ذلك يجب أن يكون في رأس أولويات إسرائيل السياسية.