•إن تحذير الرئيس ترامب، بأنه لا يستبعد أي خيار رداً على تجربة الصاروخ الإيراني، يعيد إلى جدول الأعمال اليومي، نظرياً على الأقل، احتمال قيام الولايات المتحدة بعمل عسكري ضد إيران. إن التحذير بالتأكيد موجّه إلى برنامج الصواريخ، لكن تحذيراً مشابهاً تطرق خلال ولاية الإدارات السابقة إلى البرنامج النووي واحتمالات حصول إيران على سلاح نووي.
•خلال حقبة أوباما طرأ تبدل على توجه الولايات المتحدة حيال العمل العسكري. كانت تعلن رأيها أنه ما لم يتحقق تقدم حقيقي في المحادثات من أجل التوصل إلى اتفاق، فإنها لا تستبعد مثل هذا الخيار. ومثل موقف إسرائيل، حذر الأميركيون من أن جميع الخيارات إزاء إيران مطروحة على الطاولة. وهذان النظامان كانا الوحيدين اللذين حذرا إيران بهذه اللغة، بينما تخوفت الدول الأخرى من المخاطر المترتبة عللا ذلك.
•لكن حتى قبل توقيع الاتفاق النووي كان هناك فارق بين وجهتي نظر إسرائيل والولايات المتحدة. فقد ادعى الأميركيون أنه على الرغم من طرح الخيار العسكري، فإن الظروف لم تنضج للقيام به. أولاً؛ لأن هذا العمل لن يوقف البرنامج النووي بل سيؤجله لسنوات قليلة؛ ثانياً؛ سترد إيران بمهاجمة أهداف تابعة للولايات المتحدة وحلفائها، مما سيؤدي إلى تدهور عام في الشرق الأوسط، وأخيراً- عمل عسكري سيحث إيران على تسريع برنامجها النووي وسيقدم لها حجة من أجل المضي نحو سلاح نووي. لهذه الأسباب تحفظت الإدارة الأميركية من هجوم إسرائيلي أيضاً خوفاً من أن تتورط فيه هي كذلك. في مقابل ذلك، لم تتحفظ إسرائيل من القيام بمهاجمة إيران، وانتقدت الإدارة الأميركية لأنها بموقفها هذا تمس صدقية الخيار العسكري بقولها إن الوقت لم يحن لتنفيذ هكذا خيار.
•في المحادثات التي جرت قبيل الاتفاق النووي، قللت الإدارة الأميركية من تطرقها إلى الخيار العسكري خوفاً من تكدير الأجواء. وعندما كان الاتفاق يتجه نحو التبلور، وبخاصة بعد التوصل إليه، أوضحت الإدارة الأميركية أن عملاً عسكرياً ضد إيران لن يكون مفيداً، وحذرت إسرائيل من القيام بهكذا عمل. وخلال وقت قصير زعم مسؤولون كبار في المؤسسة الأمنية الأميركية أن الاتفاق يشكل تبريراً لعمل عسكري عند الحاجة.
•أضر استبعاد الإدارة الأميركية للخيار العسكري بصدقيته في نظر إيران، التي استنتجت أنه ما دام الاتفاق قائماً فإن الولايات المتحدة لن تهاجم. لكن الاتفاق النووي أضر بصدقية خيار إسرائيل العسكري أيضاً، لأنه أصبح واضحاً أنه ما دام الاتفاق ساري المفعول فإن إسرائيل لا تستطيع المبادرة إلى عمل عسكري والتسبب بانهيار الاتفاق والمس بالعلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا. وفي مثل هذه الحال ستجد اسرائيل نفسها وحيدة في مواجهة إيران من دون دعم أميركي.
•إعلان ترامب أن إدارته لن تكون "لطيفة" مع إيران كالإدارة السابقة، وأن إيران تحت الإنذار وكل الخيارات على الطاولة، يهدف قبل أي شيء آخر إلى استعادة الولايات المتحدة قدرتها على الردع إزاء إيران، هذه القدرة التي تآكلت بصورة كبيرة. ومن المعقول افتراض أن ترامب لن يسارع إلى الهجوم لأسباب عدة: إيران لم تخرق الاتفاق بعد؛ الشركاء الآخرون في الاتفاق سيعارضون مهاجمة إيران؛ وقبل رفع القيود المفروضة على برنامج إيران النووي، فإن حسنات الاتفاق تفوق سيئاته.
•لكن قواعد اللعبة تغيّرت، ولا تعرف إيران ما هي خطة ترامب تجاهها، وهي مضطرة إلى أن تكون حذرة لأنه عندما يكون في البيت الأبيض رئيس لا يمكن توقع ردود فعله، فإن معقولية هجوم أميركي على منشآت نووية أو منشآت للصواريخ، أكبر من الماضي إذا هي خرقت الاتفاق. ومن المحتمل أن ترامب لن يتحفظ مثل سلفه من إمكانية هجوم إسرائيلي من أجل تعزيز الردع.