من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•بعد بضع ساعات ستحين نهاية العالم. دونالد ترامب سينصّب رئيساً للولايات المتحدة، وبالإستناد إلى معلقين مهمين جداً علينا أن نتوقع خراباً عالمياً، وتفاقم التمييز والعنصرية، وتنامي الفقر والضائقة، وتفكك حلف شمال الأطلسي، وتدمير الديمقراطية، وغرق الولايات المتحدة عميقاً في مياه المحيط الأطلسي.
•لكن قبل لحظات من حدوث هذا كله، هناك شخص واحد بالذات يبتسم اليوم: بنيامين نتنياهو. فهو متأكد من أن حياته ستكون مريحة أكثر بكثير مع ترامب. ويعتقد أنه من الآن وصاعداً لن يفاجأ بمؤتمر لا لزوم له مثل "مؤتمر باريس"، وبالأكيد لن يعظه أحد بشأن المستوطنات. وبدءاً من الآن لديه صديق حقيقي في البيت الأبيض، ولن يقوم صديقه هذا بنقل السفارة الأميركية إلى القدس فقط، بل وأيضاً سيؤيد كل جنون إسرائيلي بشأن توسيع المستوطنات وتعميق الاحتلال.
•لكن لحظة، هل في إمكان نتنياهو الابتسام فعلاً؟ لقد قال وزير الدفاع الأميركي الجديد الجنرال السابق جيمس ماتيس قبل بضعة أيام في جلسة استماع في مجلس الشيوخ: "إن عاصمة إسرائيل التي سأذهب إليها هي تل أبيب"، وقبل فترة قال: "إن المستوطنات تبعد فرص السلام وتزيد الخوف من الأبرتهايد". كما قالت زميلته نيكي هيلي السفيرة المعينة في الأمم المتحدة هذا الأسبوع: "المستوطنات في المناطق تشكل عقبة أمام حل الدولتين". وهذا يعني، أن السياسة المستقبلية لإدارة ترامب بشأن الشرق الأوسط ما تزال غير واضحة وغير متبلورة.
•على أية حال، فإن التنصيب سيجري هذا المساء في ظل احتجاج قوي من جانب الإعلام الليبرالي الأميركي، والنخبة الأكاديمية، وشخصيات أساسية من عالم الترفيه. من الواضح أنه مسموح لهؤلاء بانتقاد الرئيس الجديد بحدة - وهو يوفّر لهم أسباباً ليست قليلة لانتقاده - لكن يجب ألا نكذب ونشوه الحقائق بواسطة أخبار ملفقة ومشوهة مثلما جرى أثناء الانتخابات وبعدها أيضاً.
•في بداية الحملة الانتخابية جرى تصوير ترامب بأنه مزحة ولا فرصة له بالنجاح بتاتاً، وعندما ازدادت حظوظه قال المعلقون إنه يتعين على الحزب الجمهوري إزاحته لأنه بعد أن يمنى بخسارة قوية فإن الحزب لن يستطيع التعافي من تلك الضربة. اليوم يجري تصوير ترامب على أنه لا يفقه شيئاً ويفتقر إلى نظرة شاملة إلى العالم. لكن ما العمل، وهو قد عرض نظرة متبلورة إلى العالم عنوانها: "أميركا أولاً".
•يعتبر ترامب توفير أماكن عمل للعمال أصحاب الياقات الزرقاء أساس مهمته الاقتصادية، لذلك فهو يريد أن يعيد النظر في اتفاقات التجارة مع الصين والمكسيك. وهو مهتم أيضاً بتخفيض الضرائب من أجل تشجيع النمو. ويريد أن تدفع دول أوروبا أكثر لقاء الدفاع عنها في إطار حلف شمال الأطلسي، وكذلك كوريا الجنوبية، الأمر الذي يخفض من العبء المالي عن الولايات المتحدة، وهو ليس متحمساً إزاء الاتفاق النووي مع إيران.
•لكن قمة عدم الموضوعية جاءت تحديداً من وسائل الإعلام الإسرائيلية، عندما بثت قناة تلفزيونية قبل وقت قليل تحقيقاً عن أعمال القتل والمعاناة الرهيبة التي يعانيها المدنيون في سورية. وقد وجّه الكاتب انتقادات إلى بعض العبارات العابرة التي قالها ترامب حول هذا الموضوع من دون أن يذكر مرة واحدة باراك أوباما كمسؤول مباشر عن ترك المدنيين في سورية للأسد وبوتين وإيران وداعش. إذن، ربما التعليقات التي تتنبأ بنهاية العالم ليست دقيقة؟
•في جميع الأحوال، هذا المساء، وبينما يشاهد نتنياهو حفل تنصيب ترامب يتعين عليه أن يتذكر أن ترامب هو رجل لا يمكن توقع ردود فعله على الإطلاق، وأنه بدءاً من الغد سيكشف سياساته الداخلية والسرية. لذا، من المحتمل، إذا توصل إلى خلاصة مفادها أن إسرائيل تشكل خطراً على الاستقرار في الشرق الأوسط وأن هذا يتعارض مع المصلحة الأميركية، أن يدعو نتنياهو ويقول له بكلمات غير دبلوماسية: لديك شهر للتوصل إلى اتفاق مع أبو مازن. تحرك واذهب، ولا تعد من دون اتفاق.
•قد يبدو هذا خيالياً وغير واقعي. لكن من كان يظن قبل ثلاثة أشهر أن ترامب سينصّب اليوم رئيساً للولايات المتحدة؟