من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•كلما جرى الكشف عن تفاصيل الأحاديث السرية التي أجراها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مع مالك "يديعوت أحرونوت" أرنون موزس، كلما تعرف الجمهور في إسرائيل أكثر إلى حجم تشويه عرض الحقائق في وسائل إعلام بارزة في السنوات الأخيرة. بالنسبة إلى صحيفة "يسرائيل هَيوم"، فإن هذا يؤكد ما هو معروف منذ وقت طويل، بأنها بوق لنتنياهو. أما بالنسبة إلى "يديعوت أحرونوت"، فيبدو أن ما تراءى لنا في ذلك الوقت أمر مختلف تماماً.
•إن الفصل بين الاعتبارات التجارية واعتبارات هيئة التحرير في وسائل الإعلام هو الضمانة الوحيدة للقيام بعمل صحافي حقيقي، محايد وشجاع، بحيث لا تتضمن الحقائق المعروضة تجاهلاً، ولا إخفاء، ولا تشويهاً منهجياً. فإذا اعتقد ناشر "يديعوت أحرونوت" وكبار الصحافيين فيها أن نتنياهو رئيس سيئ للحكومة- وهذا هو الانطباع الذي يمكن أن نخرج به من طريقة تغطية الصحيفة في السنوات الأخيرة- فمن الصادم أن نعرف أن ناشر الصحيفة كان مستعداً "لبيع" خط هيئة التحرير هذا من أجل اعتبارات اقتصادية، مقابل كبح "غزو" صحيفة "يسرائيل هَيوم" لسوق الصحف.
•مع الأخذ في الاعتبار قوة "يديعوت أحرونوت" التي شكلت احتكاراً قبل دخول "يسرائيل هَيوم" إلى السوق وظلت تملك تأثيراً كبيراً بعد ذلك، فإن الكشف عن هذه التفاصيل هو بمثابة هزة أرضية في ما يتعلق بثقة الجمهور بالإعلام. إن الاستعداد لبيع صحيفة ذات تأثير كبير إلى رئيس الحكومة الحالي من أجل المحافظة على حصة في السوق، هو حدث تأسيسي في تاريخ دولة إسرائيل.
•إن عمق هوس نتنياهو بالإعلام، وهذا ما يكشفه النزر القليل من المحادثات السرية، يجب أن يقلق أنصار الديمقراطية. لقد عرف الجمهور أن نتنياهو أصر على الاحتفاظ بوزارة الإعلام كي يحتفظ بحق فرض الفيتو على موضوعات إعلامية، وأنه تسبب بحالة من عدم اليقين حيال جهاز البث العام وجعله تحت رحمة المقربين منه، وأنه حاول ترهيب القناتين العاشرة والثانية. ويتضح الآن أن نتنياهو حاول في الخفاء المناورة بين أكبر صحيفتين في البلد، من خلال عملية مقايضة تقترح على من يقدم تغطية أكبر من الدعم والثناء عليه، أن يحظى بالسيطرة على السوق.
•تعرفنا إلى هذا كله من خلال كشف جزئي جداً عما قيل في الأحاديث بين نتنياهو وموزس. ومن حق الجمهور الاطلاع على الأحاديث بالكامل، ليس فقط كي يدرك هذا الجمهور أن ما جرى هو عملية رشوة ستصل حتماً إلى المحكمة، بل أيضاً لأن من حق الجمهور أن يعرف كيف تجري إدارة بعض وسائل الإعلام الكبيرة في دولة إسرائيل. إن وسائل الإعلام هذه هي التي تصوغ عرض الحقائق على الجمهور، وسلوكها غير اللائق هو بمثابة مساس بجوهر الديمقراطية.