إدانة أزاريا لن تقسّم الشعب الإسرائيلي ولن تتسبب بضرر كبير للجيش
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

– الموقع الإلكتروني
المؤلف

•صدور الحكم بإدانة إليؤر أزاريا لن يقسم الشعب ولن يتسبب بضرر خطير للجيش الإسرائيلي كما تحاول أطراف مختلفة الادعاء. لقد قالت المحكمة العسكرية كلمتها - لكن العملية لم تنته بعد. ولا أعتقد أن تقديم الاستئناف سيغير شيئاً في ما يتعلق بالإدانة نفسها، لكن في هذه الأثناء سيمر الجمهور ومحامو الدفاع عن أزاريا الأكثر تشدداً بمسار من التكيف والقبول، لأن الحكم الصادر تفصيلي جداً ودقيق بحيث من الصعب جداً الطعن في أسسه. 

•إن الخطر الوحيد الآن على دولة إسرائيل كدولة قانون يكمن فيما إذا حاول أعضاء الكنيست بواسطة التشريع تغيير نتيجة الإجراءات القضائية. فإذا حدث ذلك، فإنه سيعرض للخطر حصانة كبار المسؤولين في دولة إسرائيل وجنود الجيش الإسرائيلي وقادته، وسيجعلهم عرضة لملاحقة محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب. ولن يكون باستطاعتنا استخدام حجة أن الجهاز القضائي في إسرائيل يعرف كيف يعالج هذه المسائل بنفسه وفقاً للقانون ومن دون تحيز.

•بالنسبة إلى الجيش الإسرائيلي، ففي تقديري أن الحادث لم يتسبب ولن يتسبب بحدوث "زلزال". حتى الآن لا توجد مؤشرات تدل على أن موقف أزاريا أثّر ولو قليلاً في إصرار القوى الأمنية أو في سعيها إلى الاشتباك. ومنذ إطلاق النار في الخليل على المخرب الذي لم يكن يشكل خطراً، ومنذ بداية المحاكمة قتل جنود الجيش الإسرائيلي وحرس الحدود ومدنيون إسرائيليون من دون تردد أكثر من 100 مخرب حاولوا مهاجمتهم. وباستثناء حادثتين فقد حدث ذلك في ظروف مبررة ووفقاً لتعليمات الجيش الإسرائيلي بفتح النار ومن دون الخروج عن سلم قيم الجيش. 

•إن الطريقة التي تعامل بها الدفاع في المحاكمة مع قادة إليؤر أزاريا يمكن أن تؤدي إلى تآكل خطير في صلاحيات قادة الوحدات القتالية في الجيش وفي ثقة المحاربين بقادتهم- بمن فيهم رئيس الأركان- وفي الانضباط العسكري. لكن على الأرجح فإن هذا لن يحدث. لم يحدث غليان في الجيش وليس هناك مؤشرات على أن هذا يمكن أن يحدث نتيجة محاكمة أزاريا، كما أنه لم ولن تحدث خروقات خطيرة للانضباط على الرغم من التحريض غير المعهود والمنظم والممول في أغلبيته من جانب أطراف من خارج الجيش لديها أجندة سياسية.

•أثناء المحاكمة جرت حملة سياسية - شعبية حاولت زعزعة وتغيير سلم قيم الجيش الإسرائيلي بطريقة تخدم أيديولوجيا القطاع السياسي- الاستيطاني- المتطرف. إنه القطاع نفسه الذي يطالب بعلاقة صارمة وعديمة الرحمة إزاء العرب، ليس فقط من أجل ردع المخربين عن تنفيذ ما يخططون له، بل بصورة خاصة من أجل دفعهم إلى مغادرة يهودا والسامرة [الضفة الغربية] وإفشال حل الدولتين. لقد سارع رئيس الأركان ووزير الدفاع السابق يعلون إلى الدفاع عن سلم القيم البراغماتية الذي يحتاج إليه الجيش من أجل تنفيذ مهماته في مقابل سلم قيم "العائلة".

•إن التمسك بقيم الجيش الإسرائيلي يمنح شرعية اجتماعية ودولية للجيش كي يستخدم قوة فتاكة من أجل الدفاع عن دولة إسرائيل وعن مواطنيها. إن التمسك بسلم القيم مهم بالنسبة لإحساس جميع جنود الجيش الإسرائيلي بأنهم يقاتلون من أجل هدف عادل. كما أن التمسك بالقيم يحمي وحدة الجيش، ويحمي الهرمية والانضباط العسكري ويوفر القدرة العسكرية على القيام بالمهمات كما حددها القادة.

•هذه هي الأسباب التي من أجلها كان وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان قاطعاً وحتى صادقاً مع نفسه في رد فعله على حكم المحكمة. لقد اتخذ موقفاً أخلاقياً ورسمياً وحسناً فعل. ومن الأفضل لو أتى هذا متأخراً من أن لا يأتي أبداً.

•في تقديري رُبّ ضارة نافعة. أولاً – لأن الحكم يجدد صلاحية سلم القيم في الجيش ويزيد من معرفة الجيش لمضمونه والحاجة إلى وجوده نصاً وروحاً. لكن ذلك مشروط بأن يحرص رئيس الأركان وهيئة الأركان العامة على توضيح أهمية حكم الإدانة هذا لأوساط الجنود بدقة ومن خلال جهد دعائي مركز. 

•ثانياً - سيؤكد الحكم الصادر من جديد في الجيش وخارجه قيمة مهمة تآكلت: الجنود ليسوا أولاداً بل هم أشخاص راشدون تقع على أكتافهم مسؤولية ثقيلة- الدفاع عن حياتنا وعن قدرتنا على العمل كمجتمع وكشعب وليس العكس، ولذلك عليهم أن يتصرفوا كأشخاص راشدين، وأن يتحملوا المسؤولية وأن يحترموا القيود النابعة من حقيقة كونهم يستخدمون أسلحة مميتة وغالية الثمن. وتفرض هذه المسؤولية عليهم عدم تصفية الحساب بأنفسهم والانصياع للأوامر طالما كانت قانونية. (هناك تعريفات واضحة للأوامر غير القانونية. وأوامر فتح النار هي أوامر قانونية بصورة غير قابلة للجدل).

•ثالثاً- من الواضح الآن أن قادة الجيش الإسرائيلي الذين كانوا موجودين وقت وقوع الحادث لم يسيطروا على ساحة الهجوم في الخليل. وقد ملاً الفراغ مدنيون لديهم أجندة، ومن المحتمل جداً أنهم أثروا على أزاريا الذي كان غاضباً جداً. يتعيّن على الجيش الإسرائيلي أن يحدد بدقة الإجراءات العسكرية وأن ينهي وضعاً يتمكن فيه مدنيون من أصحاب أجندات معينة التأثير على تعقل الجنود وعلى سلوكهم العسكري. وهذا أمر حساس خاصة في يهودا والسامرة حيث يتحرك الجنود بين السكان المدنيين الذين بينهم من يحاول جرّ جنود الجيش الإسرائيلي إلى تصرف يخدم أهدافهم.

 

•وعلى الرغم من هذا كله، يتعيّن على المحكمة أن تأخذ في الحسبان الظروف المخففة في العقوبة ضد أزاريا، فقد كان محارباً ممتازاً. صحيح أنه ليس ابننا جميعاً، لكنه جندي أرسلناه- كلنا- لمواجهة وضع مضطرب وفاسد. وكما تدل التعليقات التي نشرها أزاريا على الفايسبوك فقد وصل إلى المنطقة ومعه مجموعة جاهزة من الآراء والأفكار بشأن كيفية التصرف في مثل هذه الأوضاع. وقد أثر هذا عليه عندما أطلق النار على المخرب الذي كان لا يشكل خطراً. لكن في الوقت نفسه من الواضح أنه كان غاضباً وثائراً لأن هذه كانت المرة الأولى التي يواجه فيها حادثة عملياتية أُصيب خلالها أحد رفاقه. ومن دون شك فإن هذا أثر على اتّزانه ولذلك فهو يستحق شيئاً من الرحمة.