عملية وقائية أو ردع
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•عندما قدّم مراقب الدولة يوسف شابيرا تقريره المتعلق باستعدادات الجبهة الداخلية قبل أسبوعين، لم يُفاجأ أحد. فقد أكد التقرير بصورة دامغة أن إسرائيل ليست مستعدة لمواجهة هجوم بالصواريخ ضد جبهتها الخلفية، بينما يملك حزب الله أكثر من 100 ألف صاروخ. وفي تقدير المراقب نحو 50% من الإسرائيليين ليست لديهم ملاجئ مناسبة.

•يحسن بنا أن نهيىء أنفسنا لتقرير مشابه في السنة المقبلة أيضاً. كيف يمكن إعداد ملاجئ لأكثر من 8 ملايين مواطن إسرائيلي، وربما أيضاً لمليوني فلسطيني في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] ربما يتعرضون هم أيضاً إلى هجوم صاروخي كثيف. من المستحيل إدخال جميع السكان تحت الأرض. وماذا سيحدث للأبنية التي فوق الأرض - المساكن والمعامل ومنشآت البنية التحتية؟

•من الواضح أن الملاجئ ليست وسيلة الدفاع الوحيدة التي تملكها إسرائيل في مواجهة هجوم صاروخي يشنه حزب الله. فقد طوّر مهندسون إسرائيليون قدرة اعتراضية ضد الصواريخ والقذائف. وتستطيع منظومات "القبة الحديدية" و"مقلاع داوود" و"حيتس" اعتراض الصواريخ والقذائف القصيرة المدى والمتوسطة المدى والبعيدة المدى، لكنها ليست قادرة على تقديم مظلة مغلقة بإحكام للدولة كلها. ويستطيع هجوم مكثف بالصواريخ والقذائف اختراق المنظومة الدفاعية.

•في مثل هذه الحال ما هو الرد الذي في إمكان إسرائيل توفيره في مواجهة الخطر الذي تمثله صواريخ حزب الله؟ الاستراتيجية الأفضل هي الردع. يجب أن نجعلهم يفهمون أن الرد سيكون قاسياً جداً وأنه من الأفضل عدم التفكير في الهجوم. قد يبدو هذا بسيطاً، لكنه ليس كذلك.

•لقد جرى درس وتحليل نظرية الردع كثيراً خلال فترة الحرب الباردة وهي أثبتت جدواها. طورت الولايات المتحدة وروسيا ضربة أولى وثانية ومنعتا بذلك تحول الحرب الباردة إلى حرب ساخنة. وقد امتنع كل واحد من الطرفين عن توجيه ضربة أولى لأنه كان يعلم أنها ستجر وراءها ضربة ثانية. لكن ردع تنظيمات إرهابية إسلامية هو شأن آخر، فهذه التنظيمات تفكر بمنطق الملايين من البشر، وهي مستعدة لتحمل خسائر مدنية وهزائم لأنها متأكدة من نصرها النهائي. والردع الإسرائيلي لم يمنع حزب الله من إطلاق صواريخ في حرب لبنان الثانية، ولم يقنع "حماس" والجهاد الإسلامي بالامتناع عن إطلاق النار.

•وعلى الرغم من ذلك، فحزب الله ليس تنظيماً إرهابياً فقط، بل هو أيضاً حزب سياسي وهو مضطر لأن يأخذ في حسابه ردة فعل الجمهور اللبناني تجاه نتائج انعكاسات أي هجوم إسرائيلي. هل احتمال أن يكون الرد الإسرائيلي على هجوم صاروخي تدمير جزء كبير من لبنان سيردع حزب الله؟ هذا الاحتمال يمكن أن يشكل جزءاً من معادلة الردع لكن جزءاً فقط، لأن حزب الله يتلقى أوامره من طهران، ورؤية الأمور من طهران تختلف عن رؤيتها من بيروت، ولذلك فإن ردع حزب الله هو إشكالي.

•وماذا بشأن هجوم وقائي ضد مخازن صواريخ حزب الله في مناطق تخزينها؟ إن هذه الوسيلة إشكالية أيضاً لعدة أسباب: فقذائف حزب الله وصورايخه مخزنة في مناطق مأهولة بالمدنيين وهجوم إسرائيلي عليها سيتسبب بخسائر بين المدنيين. ومن المعقول افتراض أن مثل هذه العملية لن تحيد ترسانة حزب الله كلها، كما أن هجوماً إسرائيلياً سيؤدي إلى إدانة المجتمع الدولي.

•من الممكن أن نأمل من المجتمع الدولي أن يمارس ضغطاً على حزب الله كي يفكك ترسانته الصاروخية التي يشكل وجودها خطراً على مواطني إسرائيل ولبنان في آن معاً، ويجب الدعوة إلى ضغط دولي كهذا، لكن هل هذا أمر يهم المجتمع الدولي في هذا الوقت؟

 

•في نهاية الأمر، إذن، تبقى إسرائيل أمام ضرورة الاختيار بين بدائل غير بسيطة.