•عادت وسائل الإعلام العربية ومعها ناطقون رسميون بلسان نظام بشار الأسد في سورية، إلى الحديث عن أن إسرائيل استأنفت عمليات القصف هناك. وفي إطار ذلك، أشير إلى أن طائرات إسرائيلية مقاتلة تقوم بهذه العمليات، وإلى أنه لأول مرة تم إطلاق صواريخ [أرض- أرض] أيضاً من داخل إسرائيل باتجاه شحنات سلاح من إيران إلى حزب الله في لبنان، كانت موجودة في الأراضي السورية.
•لم ترد إسرائيل رسمياً على هذه الأحاديث. وبموجب الأقوال التي أدلى بها وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أمام دبلوماسيين أوروبيين والتي كما يبدو وُجّهت إلى أذن موسكو، يتبين أن إسرائيل تحتفظ بحقها في منع إلحاق الضرر بسكانها، لكنها لا تنوي التدخل في الحرب الأهلية الدائرة في سورية.
•إن فحوى ترجمة هذه الأقوال إلى اللغة العبرية هو ما يلي: إسرائيل قصفت في السابق وستستمر في المستقبل، في قصف قوافل السلاح التي قد تصل من سورية إلى حزب الله، لكن في الوقت عينه لا نية لديها بالتدخل في المعارك في سورية ومنع روسيا وإيران وحزب الله من تحقيق الانتصار الذي سيحظون به على نحو أسرع من المتوقع في الحرب الأهلية الدائرة منذ 6 سنوات لدى جارتها في الشمال.
•ليس من المبالغة رؤية أن القصف الذي تمت نسبته إلى إسرائيل أخيراً، يأتي على خلفية التحول الدراماتيكي في الحرب السورية، فبشار الأسد وبشكل أدق حلفاؤه الذين يحاربون من أجله، يتقدمون بخطوات كبيرة نحو إعادة احتلال مدينة حلب المدينة الثانية في سورية. ولا شك في أن سقوط هذه المدينة في يد بشار بغطاء روسي - إيراني سيتسبب بتسديد ضربة قاضية إلى معسكر المتمردين الذي هو في حال انهيار، وسيعطي دفعة معنوية لنظام الأسد الذي يعزز سيطرته في أجزاء مهمة من الدولة السورية.
•وبات من الواضح منذ الآن أن انتهاء الحرب في سورية في حال تحقق هذا السيناريو المتفائل بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وللأسد، من شأنه أن يغلق نافذة فرص فتحت أمام إسرائيل لدى نشوب الحرب هناك، تتيح من ضمن أمور أخرى إمكان توجيه ضربة قاسية إلى حزب الله في الأراضي السورية، وهذا الأمر سيضع إسرائيل أمام حقيقة واقعة من دون أن تكون لها قدرة على التأثير على خريطة سورية أو على ما يحدث فيها.
•ومعروف أن عدة مسؤولين في إسرائيل علقوا آمالاً على أن يساعد استمرار الحرب في سورية إسرائيل على ديمومة سيطرتها على هضبة الجولان وأن يمنحها ذلك أوراق مساومة تجعلها تطالب بوجوب أن يشتمل أي اتفاق لإنهاء الحرب هناك، على انسحاب القوات الإيرانية وقوات حزب الله من الأراضي السورية في الشمال والوسط والجنوب وفي المناطق المطلة على هضبة الجولان.
• في الوقت الحالي ما تزال إسرائيل بحسب المصادر الأجنبية، تقوم بالقصف في سورية برغم وجود روسيا الكثيف هناك. وجاء في وسائل إعلام عربية أن موسكو منحت موافقتها الصامتة على هذا القصف، بل هي طلبت من حزب الله عدم الرد. وهذه التقارير أغضبت قادة حزب الله الذين نفوا ذلك كلياً. ويشير مجرّد ذلك إلى أن الوجود الروسي في سورية ينطوي على أفضليات بالنسبة لإسرائيل.
•إن وجود روسيا في سورية لن يمنع إسرائيل من العمل هناك، بالرغم من أن هذا الوجود حوّل ما تقوم به إسرائيل إلى عمل مكشوف أمام موسكو. وهذا أمر تأخذه إسرائيل في الحسبان كما ظهر من الحديث عن استخدام إسرائيل الصواريخ وليس الطائرات في ذلك القصف الأخير، انطلاقاً من الرغبة في منع المواجهة مع أصحاب البيت الجدُد وهم الروس.
•وفي ما يتعلق بحزب الله، فإن الحديث في جميع الحالات يدور حول نقطة في بحر، حيث إن لدى هذا الحزب 100,000 صاروخ. بناء على ذلك، علينا الاستعداد لهذا التهديد وعدم الاكتفاء بعمليات القصف التي تُنسب إلى إسرائيل.