•التقرير الذي بثه التلفزيون السوري هذا الصباح (يوم الأربعاء) عن هجوم إسرائيلي على مطار عسكري يقع غربي دمشق، كان استثنائياً. إن مجرد إعلان حصول الهجوم كان خارجاً عن المألوف، والأكثر من ذلك هو ادعاء أن الهجوم كان بصواريخ أرض- أرض وليس بصواريخ جو- أرض كما في معظم الحالات التي تحدثت عنها تقارير وسائل الإعلام السورية في السابق.
•من المعقول افتراض أن ما جرى يتعلق بـمحاولة من الإيرانيين لنقل صواريخ إلى حزب الله أو صواريخ أرض- أرض دقيقة كما ألمح إلى ذلك وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان أثناء اجتماعه اليوم مع سفراء الاتحاد الأوروبي. ويمكن الاستنتاج من التقرير [السوري] أن الأهداف التي تعرضت للهجوم موجودة في مطار يفرّغ فيه الإيرانيون عادة شحنات السلاح النوعي التي يرسلونها عبر سورية إلى حزب الله في لبنان.
•ثمة إمكانية لأن تكون إسرائيل هاجمت شيئاً آخر غير شحنات سلاح إلى حزب الله، لكن هذه الإمكانية مستبعدة وغير محتملة لأن إسرائيل لا تتدخل في الحرب الأهلية في سورية. وإذا فعلت ذلك، فإن هذا يأتي رداً على خرق سيادة أراضيها من جانب سورية أو من جانب أحد التنظيمات التي تنشط في أراضي سورية. ويبدو أن ما جرى هذه المرة يتعلق بـمحاولة أخرى لنقل سلاح إلى حزب الله، مثل المحاولة التي ذكرت تقارير أجنبية أنها أُحبطت في الأسبوع الماضي بالاستناد إلى تقارير أجنبية.
•في الماضي قيل إن إسرائيل استخدمت مرات عدة صواريخ أرض- أرض موجّهة من نوع "تموز" عندما كان الجيش السوري أو متمردون في سورية يطلقون قذائف من هضبة الجولان، سواء عن قصد أو نتيجة خطـأ (الأمر الذين يسمى انزلاقاً).
•وبصورة عامة كان هذا القصف يجري ضمن مدى قصير نسبياً. لكن المطار العسكري في دمشق يبعد ما لا يقل عن 40 كيلومتراً عن الأراضي الإسرائيلية في هضبة الجولان. ومن أجل إصابة دقيقة للأهداف في الأراضي السورية، فإن ذلك يتطلب قذائف أو صواريخ دقيقة وذات مدى أبعد بكثير.
•بحسب تقارير أجنبية، لدى إسرائيل تشكيلة واسعة من الصواريخ القادرة على أن تصيب بطريقة دقيقة جداً هدفاً يبعد عشرات وحتى مئات الكيلومترات عن أراضيها، بدءاً من "رمح" وصولاً إلى "شيكستراه" و"لورا" التي تنتجها الصناعة العسكرية.
•بصورة عامة، إن استخدام سلاح جوي دقيق هو أقل كلفة من إطلاق صواريخ أرض. وثمن صاروخ [أرض] دقيق أغلى من ثمن سلاح جوي دقيق، حتى لو أدخلنا في الحساب كلفة استخدام الطائرة والطيار.
•لذا من المعقول افتراض أنه اذا كانت إسرائيل استخدمت فعلاً صواريخ أرض- أرض كما قيل، فإن لديها سبباً جيداً كي تقوم بذلك. كما يمكن افتراض أن السبب كان الرغبة في مفاجأة السوريين وعناصر حزب الله في منطقة الهدف الذي تعرض للهجوم.
•لو كانت إسرائيل أرسلت طائراتها للقيام بالهجوم لما كانت هذه الطائرات مضطرة للتحليق فوق أراضي سورية لمهاجمة المطار ولكانت حلقت فوق البحر أو فوق الأراضي اللبنانية من أجل تنفيذ مهمتها. لكن الرادارات الجديدة والحساسة والبعيدة المدى التي حملها الروس معهم إلى سورية عندما تدخلوا في الحرب الأهلية، قادرة على التحذير من وجود طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي في المنطقة. ولكان من المحتمل أيضاً أن يحذر الروس بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات التي تحدثت تقارير عن محاولتها سابقاً التصدي لطائرات إسرائيلية كانت تقوم بمهمات إحباط لشحنات سلاح تابعة لحزب الله.
•وإذا كانت إسرائيل استخدمت فعلاً صواريخ أرض- أرض وليس سلاحاً جوياً، فمن المحتمل أن هذا حدث لمنع احتمال تحذير الروس السوريين من هجوم إسرائيلي.
•ثمة إمكانية أخرى هي تخوف إسرائيل من محاولة الروس اعتراض طائراتنا بواسطة بطاريات صواريخ SA-300 وSA-400. وهذه إمكانية مستبعدة وأقل احتمالاً، لكن يجب أن نأخذها في الحسبان.
•في جميع الأحوال، إذا اعتمدنا على التقارير من سورية، فيبدو أن الرغبة في مفاجأة حزب الله والسوريين قبل أن يأخذ السلاح طريقه نحو الحدود مع لبنان، وكذلك الرغبة في الامتناع عن الاحتكاك بالروس، هما ما أديا إلى استخدام صواريخ أرض- أرض دقيقة لا تقل تدميراً عن السلاح الجوي.
•تظهر إسرائيل قدرة على التأقلم مع الظروف على الأرض في سورية، ومن ناحيتها راكمت سورية ثقة بالنفس بعد التدخل الروسي والدعم الذي تقدمه موسكو. ومن المحتمل أن يقدم بشار الأسد حالياً، أكثر مما السابق، على الدخول في مواجهة مع إسرائيل وتهديد طائرات سلاح جوها.
•ويجب أن ننتبه هنا ليس فقط إلى الحديث عن استخدام إسرائيل صواريخ أرض- أرض، بل إلى كون وكالة الأنباء السورية الرسمية والتلفزيون السوري تحدثا عن تفاصيل الهجمات الأخيرة ولم يقوما بإخفائها كما اعتاد النظام أن يفعل في الماضي.
•لقد قرر الأسد عدم استغلال هامش الإنكار الذي زوّدته به إسرائيل من خلال امتناعها عن إعلان الهجوم أو الاعتراف به، وذلك بخلاف الحوادث السابقة التي فضل فيها السوريون دائماً تجاهل الهجمات الإسرائيلية ولم يعترفوا بها إلا عندما لم يكن لديهم خيار آخر. هذه المرة هم بادروا إلى الإعلان.
•من المحتمل أن يكون الهدف من هذا الإعلان توفير المبرر والرواية الموجهة إلى الرأي العام الدولي لعملية انتقامية من سورية أو من حزب اللّه ضدنا، قد تكون الآن في مرحلة الإعداد والتحضير. يجب أن نكون مستعدين لاحتمال وقوع عملية من هذا النوع ربما في المستقبل غير البعيد، حتى بدعم وغطاء روسيين.