محاولات نتنياهو التبرّؤ من مسؤولية التحريض الذي تسبب باغتيال رابين لن تنجح
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•حاول رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هذا الأسبوع التملص من مسؤولية الجو الذي أدى إلى اغتيال يتسحاق رابين. وكتب تعليقاً على الفايسبوك: "منذ الاغتيال هناك مَن يحاولون تحريف الحقيقة التاريخية وأن ينسبوا إليّ التحريض الذي سبق الاغتيال"، وقدم نماذج عن كلام قاله قبل الاغتيال وبعده عبر فيه عن تحفظه من التحريض الأهوج ضد رابين.

•بيد أن تحريف الحقيقة التاريخية هنا يمارسه نتنياهو تحديداً. يمكننا بالطبع تصديق أن نتنياهو لم يقصد التحريض على قتل أي شخص، وحتى إنه لم يتخيل أن الكلام الذي قاله - أو الذي صدر عن أوساط في اليمين المتطرف - سيؤدي إلى الاغتيال.

•لكن هذا لا يبرّئ نتنياهو من المشاركة في التحريض الذي أدى إلى الاغتيال. لا يمكن تجاهل أجواء الشحن الحادة ضد رابين خلال الأشهر التي سبقت الاغتيال. شعارات مثل رابين خائن أو الموت لرابين، وصورته معتمراً الكوفية أو مرتدياً الزي النازي، وحرق صوره تحت عنوان "حكومة الدم"، والتظاهرتان الشهيرتان اللتان قادهما - إحداها في ساحة صهيون وحملت لافتات "بالدم والنار سنطرد رابين"، والثانية في مفترق رعنانا وحملت تابوتاً وحبل مشنقة - كل هذا لم يترك أدنى شك في أن رابين يتعرض لحملة تحريض خطيرة وعنيفة، أدت في نهاية الأمر إلى الاغتيال الذي قام به يغآل عَمير.

•صورة نتنياهو الذي يقف باستعلاء على شرفة في ساحة صهيون ومن تحته تتردد هتافات "رابين خائن" و"رابين قاتل"، وترتفع صور رابين في الزي النازي، والجمهور يهتف "الموت لرابين" - لا يمكن تكذيبها، كما أنه لا يمكن تكذيب مغزاها. ربما لم يقصد نتنياهو أن يحرض، لكنه لم يفعل شيئاً مهماً من أجل وقف التحريض. وحتى لو صدرت عنه هنا وهناك كلمات تهدئة - فإنه فعل ذلك بعد فوات الأوان ومن داخل ستديو مغلق في التلفزيون.

•في اللحظة الحقيقية مشى نتنياهو أمام التابوت الموهوم، ومنح التحريض موافقته الضمنية، ورأى صور رابين تُحرق من دون أن يحرك ساكناً. وفي اللحظة التي كان يتعيّن عليه فعل ما يجب فعله ضد التحريض سمح به، وهو بذلك خان دوره كزعيم في دولة ديمقراطية ومهمته كمسؤول عن إجراء حوار لاعنفي ومتسامح حتى في وقت الأزمة.

 

•لا يمكن أن نشك لحظة في أن نتنياهو عمل ولو مرة واحدة على تهدئة الحوار، فالعكس تماماً هو الحقيقة: هذا ما حدث في العام 1995 وهذا ما يجري اليوم. يوجد ثبات في خطاب نتنياهو على مر السنين بدءاً من: "نسي اليسار ما معنى أن تكون يهودياً"، وصولاً إلى "العرب يتدفقون بأعداد كبيرة نحو صناديق الاقتراع" [في الانتخابات العامة الأخيرة]. إن تنصّل نتنياهو من مسؤولية الجو الذي أدى إلى اغتيال رابين لن ينجح.  

 

 

المزيد ضمن العدد 2493