صلاة على روح إسرائيل التي كان يمثلها بيرس
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•زعماء دول الغرب الذين سيسيرون اليوم في جنازة شمعون بيرس، لم يأتوا إلى القدس فقط لوداع سياسي عرفوه صاحب رؤية تحض على السلام، وعلى الدفع قدماً بالتكنولوجيا والتطور الإنساني. هم يأتون لوداع الدولة التي كان يمثلها بيرس خلال عشرات السنوات من نشاطه العام والدولي. هذه الدولة التي نشأت في الشرق الأوسط لكنها أرادت الانضمام إلى الغرب، ورأت في قيم الغرب وإنجازاته نموذجاً يجب أن تسعى إلى تحقيقه حتى في ظروف إسرائيل الخاصة ونزاعها مع العرب.

•لقد كان بيرس شخصاً واقعياً، عرف أهمية القوة، لكنه آمن بأن تطوير الاقتصاد يؤدي إلى التخفيف من العنف ومن النزاعات بين الشعوب والدول. وإسرائيل التي كان يمثلها لم تكن مثالية، مثلما لا تحترم دول الغرب دائماً المعايير الأخلاقية التي تعظ بها الآخرين. لكن على الرغم من ذلك، فعندما يجب الاختيار بين البحث العلمي والتعبد الديني، وبين التكنولوجيا وقبور كبار الحاخامين الصالحين، وقف بيرس بصورة واضحة إلى جانب التقدم.  لا وجود للرب في عالم بيرس، كما لا وجود للرومنسية القومية التي تحنّ إلى الماضي، أو إلى إرث معركة عسكرية أو سرية. لقد كان بيرس طوال حياته مواطناً علمانياً، الوحيد من بين زعماء إسرائيل.

•لقد دفع بيرس ثمن تجاهل الدين كأداة للتعبئة السياسية خسارات متتالية في الانتخابات أمام زعماء اليمين، الذين على الرغم من كونهم علمانيين مثله فإنهم جندوا التقاليد وقدموا أنفسهم كيهود حقيقيين وصوروا بيرس كعميل أجنبي. لقد كان نتنياهو أكثرهم نجاحاً، هو الذي سيقف اليوم أمام قبر بيرس ويكيل الثناء عليه. لكن هذا سيكون عرضاً حكومياً ورسمياً.

 

•رئيس الحكومة الحالي، مثل رئيس الحكومة الذي توفي هذا الأسبوع، يحب التحدث عن السايبر والتكنولوجيا الإسرائيلية التي ستطعم الجائعين في أفريقيا، وتهزم الأشرار من تنظيم داعش. لكن بخلاف بيرس، فإن نتنياهو وحكومته يحترمان الماضي أكثر من المستقبل، ويفضلان واقعية تشيخوف ودراسات اليهودية على الرياضيات والعلوم، ويبدو الغرب في نظرهم معقلاً للعداء للسامية لا أرضاً للتقدم والتطور. إن تكريم زعماء الغرب لبيرس سيعبر عن الثغرة الآخذة في الاتساع بين إسرائيل والديمقراطيات الليبرالية، لا عن انتماء إسرائيل إلى ناديهم.