لروسيا مصالح خاصة في المنطقة تتعارض مع المصالح الإسرائيلية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•في السنة الأخيرة شهدنا تقارباً خارجاً عن المألوف بين إيران وروسيا. صحيح أن لدى الدولتين تاريخاً من العلاقات المستمرة منذ سنوات طويلة، لكن منذ التوصل إلى اتفاق بين إيران والدول العظمى بشأن وقف البرنامج النووي الإيراني- حدثت قفزة في مستوى العلاقات بين الدولتين: فقد وقعت الدولتان مجموعة من الاتفاقات، بدءاً من بناء مفاعل في بوشهر، وتزويد إيران بصواريخ أرض - جو من طراز إس- 300 امتنعت روسيا طوال سنوات عن تزويد إيران بها، من بين أمور أخرى بسبب الضغط الإسرائيلي والأميركي، كما شملت النقاشات تزويد إيران طائرات حربية جديدة.

•في الفترة الأخيرة، أضيف إلى هذا كله التعاون العسكري والاستخباراتي الذي يهدف إلى الدفاع عن نظام بشار الأسد. وكانت ذروة هذا التعاون استخدام الطائرات الروسية الحربية لمطار همدان في إيران للقيام بغارات على سورية. وهذه هي المرة الأولى تستخدم فيها روسيا قاعدة خارج حدودها من أجل مهاجمة دولة ثالثة، وهي المرة الأولى التي تسمح فيها إيران لطرف أجنبي باستخدام إحدى قواعدها الجوية. صحيح أن الاتفاق تأجل موقتاً بسبب انتقادات داخلية في إيران، لكنه ترافق بإعلان أنه سيتجدد عند الحاجة. تساهم هذه التطورات في تقوية مكانة إيران كلاعب مركزي في الشرق الأوسط، وكطرف له دور مهم في أي اتفاق مستقبلي في سورية وفي العراق.

•إن النتيجتين المترتبتين عن هذه التطورات- تصاعد قوة إيران وحزب الله؛ والمس بمحور الدول السنية بقيادة السعودية التي تحاول كبح نفوذ إيران- تتعارضان مع مصالح إسرائيل. ظاهرياً شهدت السنوات الأخيرة تقارباً مهماً في علاقات إسرائيل مع روسيا. لكن هل يدل هذا الواقع على تطابق في المصالح في ما يتعلق بقضايا أساسية تتعلق بالأمن القومي في إسرائيل؟ حتى الآن يتضح أن مصلحة روسيا هي تقوية النفوذ المستقبلي لأعداء إسرائيل، إيران وحزب الله في سورية والعراق ولبنان.

•تجري هذه التطورات في ظروف مريحة بصورة خاصة لروسيا وحلفائها في المنطقة؛ فالولايات المتحدة ليست مهتمة بتعميق تدخلها في المنطقة، وهي مستعدة للقبول ببقاء الأسد وزيادة تدخل روسيا في المنطقة شرط مساهمتها في القضاء على داعش، أما تركيا التي تتخوف من انعكاسات تفكك سورية والعراق على موقع الأكراد، فإنها مستعدة هي أيضاً للقبول ببقاء الأسد وتزايد قوة إيران وروسيا. أما السعودية فتنظر بقلق إلى تعاظم قوة المحور الشيعي، لكن باستثناء الاستمرار في تقديم السلاح والمال إلى أطراف المعارضة في سورية، فإنها غير قادرة على تغيير التوجه.

 

•لا تستطيع إسرئيل التأثير في اتجاهات الأحداث. إن استمرار الحوار مع روسيا أمر مهم ويجب تطويره على الرغم من التعارض في المصالح؛ واحتمالات التعاون مع الدول العربية السنية يمكن أن يبدو أقل جاذبية إذا ضعف المحور السني في مواجهة المحور الشيعي؛ وحتى تجدد العلاقات مع تركيا يمكن أن يكون محدوداً بسبب التغير الظاهر في توجهات السياسة التركية. في مواجهة هذا كله، فإنه من الضروري لإسرائيل تعزيز الحوار مع الإدارة الأميركية المقبلة قدر الإمكان، من أجل حماية مصالحها الإقليمية.