من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•ليس ثمة الآن رئيس دولة في العالم (باستثناء دول العدو) يرفض استقبال رئيس الحكومة الإسرائيلية. وليست هناك تقريباً دولة في العالم، بما في ذلك أغلبية الدول العربية والإسلامية، تنفي شرعية وجود إسرائيل كدولة لليهود. ولا يوجد الآن ولا في الأفق المنظور برامج عمل لتقليص أي مساعدات خارجية لإسرائيل أو للتعاون التجاري معها، لا في الاتحاد الأوروبي ولا في الولايات المتحدة، بل إن قرار الاتحاد الأوروبي الذي ينصّ على وسم المنتجات التي تصل من المستوطنات في المناطق [المحتلة] لا يتسبب بأضرار اقتصاديـة فعلية. وبموجب معطيات محدّثـة لمصرف إسرائيل المركزي فإن التصدير [الإسرائيلي] إلى أوروبا انخفض خلال العقدين الأخيرين بنسبة 10% وانخفض حجم التبادل التجاري مع الولايات المتحدة بنسبة 3%، لكن سرعان ما تم تعويض ذلك في دول آسيا ودول جديدة.
•صحيح أن هناك جامعات في العالم لا تتحمس لاستضافة باحثين إسرائيليين في مؤتمرات دولية، وأن بعض شبكات الطعام ترفض شراء المنتجات الإسرائيلية، لكن في السنة الفائتة وصلت الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل إلى 285 مليار دولار، أي ثلاثة أضعاف ما كانت عليه سنة 2005 التي بدأ فيها نشاط حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها (BDS). وفي آذار/ مارس الفائت تم سنّ قانون في ولاية ألينوي الأميركية يمنع عقد صفقات مع الشركات التي سحبت استثماراتها من إسرائيل، وبموازاة ذلك أعلن أن 20 ولاية أخرى في الولايات المتحدة تنوي سنّ قانون شبيه.
•عندما تكون مثل هذه المعطيات الإيجابية ماثلة أمام الجميع يصعب إقناع الجمهور الإسرائيلي العريض بأن السياسة التي تتبعها الحكومة في المناطق [المحتلة] تلحق أضراراً سياسية به وبالدولة، كما يصعب إقناعه بنجاعة حركة المقاطعة، أو تخويفه مما يتوقع أن يحدث في المستقبل.
•وبوسع من يشاء أيضاً الادعاء أن دول العالم "المتنور" تمنح إسرائيل رخصة غير مقيدة لفعل ما ترغب فيه، مثلاً بناء مستوطنات جديدة، ومصادرة أراض فلسطينية، واحتجاز جثامين "إرهابيين" [فلسطينيين] في الثلاجات، وتنفيذ اعتقالات إدارية بأعداد قياسية. إن هذا كله يتقزّم مقارنة بالمذبحة الرهيبة في سورية التي راح ضحيتها 300,000 إنسان حتى الآن، وبعملية التطهير في تركيا، وبقطع الرؤوس في العراق، وبالعمليات الإرهابية في بلجيكا وفرنسا.
•هناك كثيرون يعزون هذا النجاح وبحماسة ملفتة إلى حنكة رئيس الحكومة بنيامين لنتنياهو، لكن الصحيح أن المنظمات الإسلامية المتطرفة هي المسؤولة عن ذلك أكثر بكثير من سياسة رئيس الحكومة أو حنكته.
•مع ذلك وبالرغم من هذا الوضع الجيد لإسرائيل، من المهم القول إن مكانة إسرائيل تستند إلى بطاقة الاعتماد التي حصلت عليها في السابق كونها دولة ضحايا المحرقة النازية، لا إلى تصنيفها دولة "هاي - تك". كما أن حقها في الوجود يعتمد أساساً على أسس أخلاقية وعلى الشعور بالذنب من طرف معظم دول العالم. وهذا التصنيف الاستثنائي لإسرائيل هو الذي منحها التأييد الكبير، وكان بمثابة بطاقة الاعتماد السياسية التي ضمنت أمنها من خلالها، ووفّرت لها الجسور الجوية التي أنقذتها في الحروب، والدعم الكبير في مؤسسات الأمم المتحدة، والاستثمارات والمساعدات وتجند المجتمع الدولي ضد إيران، والتسامح في العقود الأولى بعد الاحتلال [في حزيران/ يونيو 1967].
•إن بطاقة الاعتماد تدفع في العادة إلى غفوة، وتمنح صاحبها الشعور بأنه لا توجد حدود إلى أن يتم تجاوز الإطار المسموح به. وما تزال إسرائيل على ثقة بأن بطاقة الاعتماد التي حصلت عليها أبدية، وأن ما كان هو ما سيكون، لكنها قائمة الآن عملياً على سحب سياسي زائد من دون إذن، وعلى قروض مشروطة منحتها إياها دول تنشأ فيها الآن أجيال جديدة. وهذه الأجيال الجديدة هي التي سيواجهها الجيل الإسرائيلي المقبل في المجتمع الدولي، ومنذ الآن يتبين أكثر فأكثر أنها ستكون أقل قدرة على الفهم وضبط النفس.
•ثمة الكثير من الإشارات القوية إلى أن صبر العالم إزاء إسرائيل آخذ في النفاد، وإلى أن الأجيال الجديدة المذكورة بدأت منذ الآن بتسخين المحركات لمواجهة صفات الوقاحة والتعالي والاستخفاف التي تتسم بها [إسرائيل] وكان يُنظر إليها ذات يوم باعتبارها أخلاقية، وتعتبر إسرائيل اليوم آخر دولة كولونيالية في العالم. وبناء على ذلك فإن الجيل الإسرائيلي المقبل هو الذي سيدفع الديون السياسية التي تتسبب بها الحكومة الحالية.
•في هذه الأثناء تستمر الحكومة الإسرائيلية في تخويفنا من أعداء ليست لديهم قوة حقيقية لمحاربتنا، لكنها لا تفعل أي شيء من أجل الحفاظ على أصدقائها، وهذا هو جبل الجليد الضخم الذي ينتظر إسرائيل من وراء الأفق في وقت يواصل فيه القبطان والملاحون الرقص على ظهر السفينة.