حظوظ المبادرة المصرية لعقد مؤتمر دولي للسلام
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

•الزيارة القصيرة التي قام بها وزير الخارجية المصري سامح شكري للقدس في مطلع ‏الأسبوع الماضي، والمسعى المصري البارز من أجل عقد مؤتمر إقليمي في القاهرة بهدف ‏التوصل إلى اتفاق إسرائيلي- فلسطيني، يذكّران كثيراً بما حدث في منطقتنا في العام 1977 عندما ‏سارعت إسرائيل ومصر إلى العمل من وراء ظهر الأميركيين من أجل منع انعقاد مؤتمر ‏دولي كانا يتخوفان من نتائجه.‏

•بعد وقت قصير من انتخاب مناحيم بيغن رئيساً للحكومة، طلب فحص إمكانية التوصل إلى ‏اتفاق سلام مع مصر، وكان لديه استعداد مبدئي للموافقة على تنازلات إقليمية معينة في شبه ‏جزيرة سيناء شرط ألا يضطر إلى أن يدفع مقابلها ثمناً للفلسطينيين وألا يتعهد بالاستعداد ‏لتقديم تنازلات إقليمية في الضفة الغربية. ‏

•خلال زيارة بيغن إلى رومانيا في نهاية آب/أغسطس 1977، أشرك بيغن رئيس رومانيا ‏آنذاك نيكولاي تشاوشيسكو برغبته في الاجتماع مع الرئيس المصري أنور السادات، وأظهر ‏تشاوشيسكو اهتماماً كبيراً للتوسط بينهما. وبعد ذلك بثلاثة أسابيع، عقد اجتماع مهم للغاية بين ‏وزير الخارجية الجديد موشيه دايان ونائب رئيس الحكومة المصرية حينها حسن التهامي في ‏المغرب برعاية الملك حسن الثاني. والحوار الذي دار بين من كان وزيراً للدفاع في إسرائيل ‏خلال حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973] والأب المصري الثاكل، أوصل الاثنين إلى استنتاج أنه يوجد هناك ما يمكن التفاوض بشأنه.‏

•لم يكن الأميركيون على معرفة بالتواصل المباشر بين إسرائيل ومصر. والرئيس جيمي ‏كارتر الذي لم يكن يحب يتسحاق رابين وينفر من بيغن أكثر، كان يعتقد أنه من غير الممكن تحقيق ‏الرؤية الأميركية للسلام من دون عقد مؤتمر دولي يفرض على الأطراف ما يجب عليهم ‏فعله.‏

•في أول لقاء عُقد بين بيغن وكارتر في أواسط تموز/يوليو بعد وقت قصير من تشكيل بيغن ‏حكومته، عرض كارتر أمامه رؤيته: تجديد الدعوة إلى عقد مؤتمر جنيف الذي توقفت ‏نقاشاته في نهاية 1973 بسبب الانتخابات في إسرائيل ولم تتجدد أبداً، والتوصل إلى سلام ‏شامل بين إسرائيل وجميع جيرانها. وشرح الرئيس الأميركي رؤيته قائلاً إن المؤتمر سيعقد على أساس ‏قراري مجلس الأمن 242 و338، وأنه سيطلب من إسرائيل الاعلان عن استعدادها للتنازل ‏عن المناطق التي احتلتها في 1967 والموافقة على حق الشعب الفلسطيني في تقرير ‏مصيره.‏

•أصيب بيغن بالهلع، فهو كان يقدر جداً العلاقة بالولايات المتحدة لكنه لم يكن مستعداً لتحقيق ‏ما ينتظره كارتر في الشأن الفلسطيني، ولم يخف ردّه عن الرئيس الأميركي الشاب. لكن ‏بينما كان بيغن يناور حيال فكرة المؤتمر في محاولة لتخفيف شروطه، ويدرس إمكانية الصلة ‏لمباشرة مع مصر، وقع عليه بصورة فجائية الاعلان المشترك لكل من الرئيس كارتر وزعيم ‏الاتحاد السوفياتي ليونيد بريجنيف، إذ قرر الاثنان عقد مؤتمر دولي بهدف تحقيق السلام في ‏الشرق الأوسط.‏

•بيغن الذي تخوف بصورة خاصة من أن يفرض عليه العالم الانسحاب من الضفة الغربية، لم ‏يكن الوحيد الذي أخافه الإعلان المشترك. فالرئيس المصري [أنور السادات] لم يكن يقل عنه ‏خوفاً، وقال وفقاً لشهادة الصحافي المصري الأسطوري محمد حسنين هيكل: "لقد طردنا الروس ‏من الباب، واليوم يُدخلهم كارتر من الشباك".‏

•في خريف 1977، وجد بيغن والسادات نفسيهما في قارب واحد ولديهما هدف مشترك هو ‏إحباط فكرة المؤتمر، فقرر السادات الاجتماع مع القيادة الإسرائيلية مع عدم إبلاغ كارتر ‏مسبقاً بذلك، ووضعه أمام الأمر الواقع. وكان بيغن مسروراً بذلك لأن هذا كان بمثابة انقلاب حقيقي ‏في العلاقة بين أكبر وأهم دولة عربية في علاقتها بإسرائيل، من دون أن تكون هناك حاجة ‏للتنازل (علناً على الأقل) عن شيء. وهو فعلاً لم يأسف لإقدامه على الالتفاف على الدول العظمى ‏ومفاجأتها. ‏

•أدت زيارة السادات لإسرائيل إلى نتائج بعيدة المدى. ألغي مؤتمر جنيف وهذا كان في مصلحة الطرفين. وفي أيلول/سبتمبر 1978 توصل الطرفان (بمساعدة حثيثة من الرئيس ‏كارتر) إلى اتفاق اطار، وبعد مرور نصف سنة على ذلك توصلا إلى اتفاق سلام بينهما. ‏وحقق السادات هدفه بذلك وحصل على شبه جزيرة سيناء (مع تجريد جزء منها من السلاح ‏مقابل تجريد شريط طويل في الجانب الإسرائيلي من الحدود من السلاح)، من دون أي تسوية ‏إقليمية، ومع اخلاء جميع المستوطنات الإسرائيلية بما في ذلك مدينة يميت. ‏

•إن المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي من أجل الدفع قدماً بالسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، ‏التي أُطلقت قبل أسابيع معدودة في اجتماع وزراء الخارجية في باريس من دون مشاركة ‏إسرائيل والفلسطينيين، لم تستقبل بترحاب في المنطقة، لا هي، ولا نيّة المنظمين أن يقترحوا في ‏نهاية المؤتمر قبيل نهاية السنة قراراً على مجلس الأمن في الأمم المتحدة، سيمتنع الرئيس ‏أوباما من فرض الفيتو عليه (لأن ذلك سيجري بعد الانتخابات الرئاسية وعشية انتهاء ‏مهماته).‏

•يوجد حالياً مثلما حدث سنة 1977 تلاق مهم في المصالح. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ‏يواصل تمسكه بالموقف التقليدي لليمين الذي يتخوف من أن يطلب العالم منه مطالب لا ‏يستطيع القيام بها، ولذلك هو يرفض فكرة المؤتمر ويفضل لقاء إقليمياً برعاية مصرية (مع أن إسرائيل فضلت في الماضي رعاية أميركية). أما الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ‏فيواجه وضعاً سياسياً ليس سهلاً، إذ إن مصر حالياً عضو غير دائم في مجلس الأمن، وإذا طُرح على المجلس قرار سياسي تعارضه إسرائيل بشدة ويؤيده الفلسطينيون، ‏فإن مصر ستضطر إلى تأييد قرار لا يروق لها والمخاطرة بعلاقاتها الجيدة مع إسرائيل.‏

•وليس عبثاً قال السيسي في الفترة الأخيرة إن القرار 242 الصادر في 1967 كاف ولا ‏حاجة إلى قرار جديد (على الرغم من أن القرار الشهير هذا لا يذكر مطلقاً وجود ‏الفلسطينيين).‏

•إن استئناف المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين برعاية مصرية وربما بمشاركة أردنية أو ‏أخرى، يمكن أن يكون المخرج الأكثر ملاءمة للجميع، حتى بالنسبة للرئيس محمود عباس ‏الذي هو بحاجة شديدة للدعم المصري. لكن لا تستطيع إسرائيل حضور هذا اللقاء من دون أن ‏تكون مستعدة لتقديم تنازلات في بعض الأمور التي اعتبرها جزء من زعمائها في الماضي ‏خطوطاً حمراء.‏

 

•من يعتقد أن في إمكانه تشكيل ائتلاف إقليمي من دون ثمن، وأن يطلب مع دول عربية من ‏الفلسطينيين الموافقة على ما رفضوه في الماضي، سيفاجأ عندما سيرى في مثل هذا الاجتماع ‏دولاً عربية من شركائنا الأمنيين، واقفين إلى جانب الفلسطينيين ويدعمون مطالبهم.

 

 

المزيد ضمن العدد 2417