التسوية بين نتنياهو وبينت بشأن تفعيل المجلس الوزاري المصغر لن تغير الوضع القائم
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

– الموقع الإلكتروني
المؤلف

•لن تغير التسوية التي جرى التوصل إليها هذه الليلة بين الوزير نفتالي بينت ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بواسطة الوزير يعقوب ليتسمان الوضع القائم بصورة كبيرة. فطاقم مجلس الأمن القومي هو اليوم أيضاً المسؤول عن تقديم المعلومات المحدثة التي يحتاج إليها وزراء المجلس الوزاري المصغر قبل الجلسات. والمشكلة الحقيقة تعود إلى أن ليس كل أعضاء المجلس خصصوا وقتاً واهتماماً كافياً من أجل الحصول على التحديثات وللتعمق فيها. وثمة ما هو أسوأ من ذلك: استخدامهم المعلومات التي حصلوا عليها وايصالها إلى وسائل الاعلام بهدف تسجيل نقاط سياسية لمصالحهم وسط جمهور ناخبيهم.

•صحيح أن نتنياهو ووزير الدفاع السابق موشيه يعلون ورئيس الأركان بيني غانتس أخفوا معلومات عن المجلس خلال حرب صيف سنة 2014، لكن هذا الأمر حدث بصورة أساسية بسبب التسريبات مما دار في الجلسات. وبالإضافة إلى ذلك كان هناك سببان أساسيان في عدم حصول أعضاء المجلس على معلومات كاملة.

•السبب الأول هو أن نتنياهو وقادة المؤسسة العسكرية لم يدركوا خطورة تهديد أنفاق حركة "حماس" على الاحساس بالأمن بالنسبة إلى سكان المستوطنات المتاخمة لغزة. وتعاملوا مع الأنفاق بصفتها سبيلاً يستخدمه المخربون للتسلل بهدف الدخول في مواجهة مع جنود الجيش الإسرائيلي. ونتيجة اعتقادهم أن المقصود هو أعداد قليلة من مقاتلي "حماس" من القوة الخاصة، لم تعط القيادة الأمنية- السياسية هذا التهديد الأهمية التي حظي بها وسط سكان مستوطنات النقب الغربي بعد تحققه.

•ومن هنا ينبع السبب الآخر في عدم تزويد أعضاء المجلس الوزاري بالمعلومات المحدّثة: ليس من المفترض أن يهتم المجلس بموضوعات تكتيكية تتعلق بقتال أفراد أو وحدات صغيرة على الأرض، بل أن يتركز اهتمامه على التهديدات الاستراتيجية. وخلال عملية الجرف الصامد لم يعتبر الجيش ولا رئيس الحكومة ووزير الدفاع أن تهديد الأنفاق هو تهديد استراتيجي. كما أسلفنا، قللوا من أهمية وعي التهديد الذي أثارته الأنفاق.   

•السلوك خلال عملية الجرف الصامد لم يكن جديداً. فالمجلس الوزاري المصغر الذي طلب من الجيش الإسرائيلي خوض حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006] لم يدرك خطورة الأمر الذي أعطاه، لا بسبب قلة المعلومات فحسب، بل أيضاً لأن الذين قدموا المعلومات إليه- وزير الدفاع عمير بيرتس وكبار المسؤولين في الجيش- لم يفهموا هم أنفسهم ماذا كان يجري على الأرض، ولم يدركوا بالأساس ما المغزى الاستراتيجي لما ظنوا أنه خروج لمجرّد حملة عسكرية. إنهم لم يدركوا أنهم يعطون أمراً بخوض حرب.

•وإذا كان رئيس الأركان، ووزير الدفاع، ورئيس الاستخبارات العسكرية في سنة 2006 لم يفهموا صورة الوضع، فإنهم أيضاً لم يكن في استطاعتهم أن يقدموا إلى المجلس الوزاري المصغر معلومات محدّثة عن وضع  لم تكن صورته موجودة لديهم أو كانت خطأً. ويجب أن نضيف إلى ذلك أيضاً أن رئيس الحكومة آنذاك إيهود أولمرت لم يكن يحسب حساباً للمجلس. وكان لديه طاقم خاص به يستشيره وكان يعرض الأمور على الوزراء "مطبوخة".

•من هنا لا تكمن العقبات التي يواجهها عمل المجلس الوزاري المصغر في عدم الحصول على معلومات محدثة عن مكان وجود كل فتحة نفق في قطاع غزة، كما يدّعي بينت، بل تكمن في عدم الفهم. لكن زعيم حزب البيت اليهودي أراد الحصول على مكسب سياسي والانتقام قليلاً من نتنياهو الذي عيّن ليبرمان بدلاً منه وزيراً للدفاع .

•بعد أن حصل بينت على مراده، وقرر نتنياهو أنه حان الوقت للنزول عن الشجرة، جاء ليتسمان وفجأة انحلت المشكلة الحقيقية المتعلقة بآلية اتخاذ القرارت في المجلس من خلال صيغة تُبقي عملياً الوضع القائم.

•إن المسألة المطروحة لا تتعلق بوجود ضابط يقدم المعلومات المحدثة إلى أعضاء مجلس وزراء الأمن القومي، والذي هو وفقاً للقانون، القائد الأعلى للجيش، وإنما المسألة هي من يقرر  ما هو مسموح وما هو ممنوع على الضابط أن ينقله إلى أعضاء المجلس. 

•ولا يقل أهمية عن ذلك ما إذا كان مقدم المعلومات لديه صلاحية أن يعرض أمام أعضاء المجلس بدائل  من خطط عملانية وحلاً لمشكلات عسكرية. هذه هي المادة المهمة فعلاً التي يقدمها عامة رئيس الأركان وجنرالات هيئة الأركان العامة أمام أعضاء المجلس خلال الجلسة على افتراض أن هذه الأمور لن تُسرب.

•ثمة مسألة أُخرى أكثر أهمية هي إلى أي حد يرغب أعضاء المجلس ويستطيعون تكريس وقت من أجل التعمق في فهم المعلومات المقدمة إليهم. هذا هو السؤال الأساسي للموضوع كله. وهناك مشكلة أخرى قد تبدو تافهة، هي: كيف يتم تقديم المعلومات؟ كتابياً أم شفهياً؟ خلال لقاءات ثنائية يمكن خلالها طلب توضيحات؟ أو بصورة جماعية حيث التعرف على الموضوع يكون أصعب، ولا سيما بالنسبة إلى الذين لا خبرة لديهم به؟

•إن الردود على جميع هذه التساؤلات هي التي ستحدد طبيعة الإجراءات ونوعية القرارت التي ستتخذها في المستقبل اللجنة الوزارية لشؤون الأمن القومي. ولا تساهم التسوية السياسية التي جرى التوصل إليها هذه الليلة في تحقيق ذلك، وهي أتاحت فقط انهاء عملية لي الذراع السياسية، لكنها بحد ذاتها تسوية جوفاء لا تقدم جواباً على المشكلات الأساسية التي تعترض عمل المجلس الوزاري المصغر.