جهِّزوا الملاجئ
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•يوم أمس [الأربعاء] حدث أمر مهم في إسرائيل يجب عدم الاستهانة به ولو للحظة واحدة. إن مجرد أن يُعرض على أفيغدور ليبرمان منصب وزير الدفاع الثامن عشر لدولة إسرائيل هو بمثابة رفع راية سوداء لم يُرفع مثلها من قبل وتجاوز خط أحمر لم يجر تخطيه سابقاً. إنه اقتراح غير شرعي، لأن ليبرمان شخصية لا تملك أي شرعية على الرغم من كونه انتُخب عضو كنيست في انتخابات ديمقراطية. ولأول مرة في تاريخ الدولة، أصبح خطر الفاشية خطراً حقيقياً، لا بل محدقاً. صحيح أن تولي مناحم بيغن رئاسة الحكومة نتيجة انتخابات [سنة 1973] أثار في ذلك الوقت مخاوف مماثلة، وكذلك تعيين أريئيل شارون وزيراً للدفاع، لكن تلك كانت حقبة مختلفة، لأنه كان لا يزال لدى المجتمع آليات مناعة وأنظمة ضوابط وتوازنات وكبح، غير أنه جرى تصفيتها منذ ذلك الحين. وتواجه الدولة اليوم عارية اليدين مَنْ من الممكن أن يودي بها إلى الخراب.

•يوم أمس استُكمل المسار الذي بدأ قبل 40 عاماً؛ معسكر اليمين في الحكم وليبرمان سيصبح قريباً جداً وزيراً للدفاع. ولو لم يكن الأمر في غاية الخطورة، لكان مغرياً أن نصرخ في وجه اليمين: "نتحداكم". ولكان مغرياً أن نصرخ في وجه معسكر الوسط - اليسار: "نتحدى أن تبقوا صامتين". وأن نقول للعالم: "عليكم أن تقفوا في وجههم. هل ستواصلون تسليح هذه الدولة الإسرائيلية وتمويلها؟ هل ستواصلون اعتبار الدولة، التي ليبرمان هو الرجل الثاني فيها، "الديمقراطية الوحيدة" [في المنطقة]". بيد أن الوضع خطر يا أصدقاء. صحيح أن لدى ليبرمان مجموعة من المحللين المؤيدين له، والبعض منهم يعتبرون أنفسهم يساريين، الذين يشرحون أنه "رجل جدي"، وأنه "يلتزم ما يقوله"، وأنه براغماتي. لكن هذه الأقوال لم يجر اختبارها - ليبرمان لم يكن يوماً ما في موقع صنع القرار - والامتحان خطر للغاية. فماذا لو أنه ليس كما يصفونه؟ وماذا لو اكتشف هذا الرجل أن تحقيق هلوساته القومية وتصريحاته العنصرية هو المفتاح لرئاسة الحكومة؟ 

•هل هناك حاجة إلى التذكير ماذا تعني الدعوة إلى تفجير سد أسوان؛ وقوله عن الرئيس المصري [حسني مبارك]: "ليذهب إلى الجحيم"؛ ونظرته السخيفة والتحريضية التي مفادها أن الإرهاب الفلسطيني هو جزء من حركة "الجهاد العالمي"؛ وقوله إن أعضاء حركة "لنكسر الصمت" هم "مرتزقة باعوا أنفسهم للشيطان"، وإن أعضاء حركة "يش غفول [هناك حدود]" هم من الكابو [سجناء معتقلات نازية متعاونون مع سجانيهم]، وإنه يجب محاكمة أعضاء الكنيست العرب في محكمة نورمبرغ. هل هناك حاجة إلى التذكير بالتحريض الذي يمارسه، وطبعاً بقوله مؤخراً إن [الجندي الإسرائيلي المتهم بتصفية جريح فلسطيني] إيلور عزريا هو بطل؟ هل ينبغي لنا التذكير بحزبه الفاسد حتى النخاع وبالتهم الخطرة الموجهة ضده، والتي نجا بجلده منها فقط بسبب ضعف المدعي العام؟ 

•إن الرجل الذي اعتبرته مجلة "تايم" ضمن أكثر مئة شخصية مؤثرة في العالم سنة 2009 لم يكن له تأثير في الحقيقة وربما ما يُرى من هناك غير ما يُرى من هنا. الآن سنحت له فرصة ومن المتوقع أن ينتهزها. صحيح، قد يتحول الذئب إلى حمل، وقد يكون باطن الأمور غير ظاهرها، وقد يقوده حرصه على مصلحته الشخصية [رغم تصريحاته الشهيرة] إلى أماكن جيدة. لكن هناك أيضاً احتمال آخر: أن يكون ليبرمان هو ليبرمان الذي نعرفه، وقد يحاول الجيش الإسرائيلي إيقافه عند حده، وربما أيضاً جهاز "الشاباك"، وهذا وضع بحد ذاته لا يصدق، لكن ليبرمان هو وزير الدفاع المقبل. 

•إذا تبين أن ليبرمان هو ليبرمان نفسه الذي نعرفه، سنشتاق إلى بنيامين نتنياهو. يا للعجب، من هو هذا الآتي إلينا! وإذا تبين أن ليبرمان هو ليبرمان نفسه الذي نعرفه ستشتعل المناطق [المحتلة] كما لم تشتعل سابقاً، وسيصبح جميع العرب في إسرائيل أعداء. وإذا تبين أن ليبرمان هو ليبرمان نفسه الذي نعرفه لن يكون هناك داع لأن يحتج أحد على تصريحات الجنرال يائير غولان ومقارنته التاريخية بأزمنة سوداء [مقارنة إسرائيل بألمانيا النازية]. 

 

•لطالما طالبتُ بإسقاط الأقنعة عن إسرائيل. يوم أمس سقطت أخيراً هذه الأقنعة. بيد أن الثمن قد يكون باهظاً ولا يحتمل. جهِّزوا الملاجئ: فقد نحتاج إليها قريباً.