•تشمل التغيرات وسط يهود الولايات المتحدة انخفاضاً في دعم اليهود الأميركيين لدولة إسرائيل. إن تخلي قسم من هؤلاء اليهود عن القومية اليهودية، أو يمكن القول عن الصهيونية، هو نتيجة الانتقادات المتعلقة بقيم الديموقراطية في إسرائيل وسياسة حكومتها، ويترافق أيضاً مع الضغط الذي يمارس ضد الدعم التقليدي للإدارات الأميركية لإسرائيل. إن حركات جي – ستريت، وصوت السلام اليهودي، والـBDS، التي تتحرك بين محور اليسار المتطرف والعداء للصهونية، تزدهر ويدعي نشطاؤها الذين يتعاطفون بصورة مرضية مع الموقف الفلسطيني بأن تحركهم ينبع من الرغبة في "إنقاذ إسرائيل من نفسها". هذه التوجهات التي تنمو وسط يهود الولايات المتحدة وبصورة أقل وسط الجاليات اليهودية في كندا وأوستراليا وبريطانيا، تجد صدى لها في اليسار المتطرف في إسرائيل الذي يستخدم أي حجة ضد الدولة، حتى أكثرها عبثية، في خطاب بات موجهاً ضد القيم الليبرالية في المجتمع الإسرائيلي وحكومته.
•هناك كتب ومقالات صحافية في الولايات المتحدة تقدم شروحاً مختلفة لتراجع التأييد لإسرائيل. بعضها يشرح ذلك استناداً إلى رؤية شاملة تتسم بالجهل والتحليل السطحي للتاريخ، وبعض آخر يعزو السبب إلى موقف سياسي ناجم عن وجود الكثير من اليهود في اليسار – الأميركي - الراديكالي، الذي هو الأكثر نقدية حيال إسرائيل، مع الأخذ في الاعتبار الدعم المتزايد [لهذا الموقف اليساري] وسط ليبراليين ومعتدلين ومحافظين.
•في مقال بعنوان" هل يبتعد يهود أميركا عن إسرائيل" نُشر في "Mosaic"، يشير إليوت أبرامز إلى تطورات اجتماعية وسط يهود الولايات المتحدة لا علاقة لها بإسرائيل: النسبة المرتفعة من الزيجات المختلطة، والنسبة العالية من الشباب الذين هم من والدين أحدهما غير يهودي. وهذا مرتبط بتبني أكثر شمولية لتفسيرات كوزموبوليتية لفكرة "شعب الله المختار"، التي تتلاءم مع التعددية الأميركية وقيمها، والمتجسدة في نشاطات ترمي إلى إصلاح العالم والمجتمع الإنساني. وتعتبر الدولة الصهيونية وسياستها حيال الفلسطينيين انتهاكاً لهذه الروحية الليبرالية.
•بمصطلحات ميتافيزيقية، بحسب مايكل برانت مؤلف كتاب: "مشكلة في القبيلة: النزاع اليهودي - الأميركي في ما يتعلق بإسرائيل"، يمكن وصف المشكلة بأنها "صراع بين الكوزموبوليتي والقبائلي". إن ظاهرة استبعاد القومية اليهودية لصالح رؤية تعتبر الفكرة العالمية أفضل من الضمانات المتبادلة في البعد الإثني، ليست غريبة عن التاريخ اليهودي. وتشير هذه المواجهة إلى انشغال اليهود المعروف بهويتهم، والتصارع معها، وإعطائها تفسيرات مختلفة، وأحياناً إدارة الظهر لها. لكن التاريخ يتذكر أيضاً أن نجاح اليهود في أن يكونوا "مسيحيين جيدين" أو "ألمان جيدين" تتلاشى عندما يظهر العداء للسامية.
•إن الموقف الراديكالي لليسار اليهودي في الولايات المتحدة يتسرب إلى اليسار الصهيوني في إسرائيل، الذي يمنحه شهادة جدارة. إن كل تصريح متطرف تسمح به حرية التعبير عن الرأي، وكل مظهر قومي شاذ يمكن رؤيته في كل ديمقراطية، يترجمان تلقائياً إلى اتهام ضد الحكومة وجمهور ناخبيها بأنها غير ديمقراطية، وعنصرية شبيهة بألمانيا. لقد وصف الصحافي أري شافيط هذه الظاهرة بأنها "انتحار سياسي مذهل" لليسار الإسرائيلي وقال: "لا يمر شهر، أو أسبوع، أو يوم من دون ان يطلق اليسار رصاصة على قدمه أو بطنه أو رأسه..."، إن التماهي مع الموقف الراديكالي المعادي للقومية ليس انتحاراً سياسياً فحسب، بل هو بمثابة رصاصة تطلق علينا جميعاً.