"حماس" تحاول محاكاة ردع حزب الله لإسرائيل
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

•كعادتها تريد "حماس" الاستفادة من كل شيء. فهي من جهة تريد المحافظة على وقف النار مع إسرائيل، الذي تعيد تحت حمايته بناء مكانتها السياسية وقوتها العسكرية. ومن جهة ثانية، تريد تقديم نفسها كحركة مقاومة تلتزم الكفاح العسكري ضد إسرائيل الذي يسمح لها بالقيام بعمليات إرهابية ضد إسرائيل ينفذها أعضاؤها وأعضاء تنظيمات أخرى تنشط في القطاع، مثل تنظيم الجهاد الإسلامي. 

•إن وقف إطلاق النار مهم بالنسبة إلى "حماس" لأن مليوني غزاوي يعيشون تحت سيطرتها بحاجة إلى الهدوء الذي يوفره لهم، وهم ينتظرون من قيادة "حماس" احترام وقف النار والمحافظة عليه كي تتاح لهم حياة طبيعية ومواجهة الضائقة الاقتصادية التي يعاني منها الجميع في القطاع. لكن الحركة لا تتحرك دائماً بما يتناسب مع مصالح سكان غزة. والقرار ليس بالضرورة بيد القيادة السياسية للحركة، ونضرب مثلاً على سلوك "حماس" مطالبة رئيس حكومة غزة إسماعيل هنية في خطابه في نهاية الأسبوع بالمحافظة على وقف إطلاق النار، وفي الوقت عينه وضعه خطوطاً حمراء لإسرائيل تحدد المسموح للجيش الإسرائيلي والممنوع عليه على طول الحدود مع القطاع.

•تدل تجربة الماضي على أن القرار المتعلق بالمسائل العسكرية، واستئناف إطلاق الصواريخ على إسرائيل، هو بيد القيادة العسكرية في "حماس"، التي يرأسها محمد ضيف، ولديها منطقها ورأيها الخاص.

•تنظر حركة "حماس" إلى نفسها وكأنها تسير وفق نصيحة أصدقائها الإيرانيين وعلى خطى حزب الله اللبناني. على سبيل المثال حرصت على بناء منظومة صواريخ تغطي أجزاء كبيرة من أراضي إسرائيل بما في ذلك وسط البلد، كي تحقق قدرة رادعة ضد إسرائيل تشبه القدرة الموجودة حالياً لدى حزب الله. وحالياً تحاول "حماس" تحديد قواعد اللعبة في مواجهة إسرائيل بحسب النموذج اللبناني، ومعنى ذلك أنه ممنوع على إسرائيل تجاوز خط الحدود والتحرك ما وراءه حتى لو لاحظ الجيش الإسرائيلي استعدادات لمقاتلي الحركة للقيام بعمليات إرهابية، وحتى لو اكتشف أنفاقاً هجومية تحفرها "حماس" في اتجاه أراضي إسرائيل.

•من جهتها أوضحت إسرائيل للحركة مجدداً أنها تحتفظ لنفسها بحرية العمل في الجانب الفلسطيني من الحدود، وأنها سترد ليس فقط على كل عملية إرهابية يقوم بها أعضاؤها، وإنما أيضاً على أية استعدادات عسكرية للقيام بمثل هذه العملية. وفي ضوء الوضع الهش السائد في القطاع وعلى طول الحدود مع إسرائيل، يبدو الموقف الإسرائيلي منطقياً ومبرراً أيضاً. ففي الأسابيع الأخيرة كشف الجيش الإسرائيلي مجدداً عن أنفاق هجومية متجهة نحو أراضي إسرائيل، والأخطر من ذلك هو أن أي تنازل اليوم سيكون خط البداية في مفاوضات الغد، ويمكن أن يدهور إسرائيل نحو الواقع السائد على طول الحدود مع لبنان، حيث توجد قيود على قدرة إسرائيل في أن تمنع مسبقاً عمليات حزب الله ضدها. لكن على الرغم من ذلك، يجب على إسرائيل ألا تسمح لـ"حماس" بجرها إلى حرب استنزاف محدودة على طول الحدود يدفع سكان غلاف غزة ثمنها.

•بالإضافة إلى ذلك، فالحدود اللبنانية التي تعتبرها "حماس" نموذجاً للمحاكاة، استطاعت إسرائيل أن تثبت فيها وقف إطلاق النار الهش الذي يحافظ عليه حزب الله من خلال قرار من مجلس الأمن، ونشر الجيش اللبناني على طول الحدود، ووجود قوات تابعة للأمم المتحدة. قد لا يشكل هذا كله رداً على حاجات إسرائيل الأمنية الأساسية، لكن هذا الحد الأدنى ليس متوفراً في حالة قطاع غزة.

 

•إن استعداد "حماس" لمحاولة مساومة إسرائيل من خلال تبادل إطلاق النار وحوادث على طول الحدود لا يعبر بالضرورة عن قوة، إذ أنها تعاني من ضائقة داخلية نتيجة الحصار الذي فرضته عليها مصر، وهذا يجعل الوضع هشاً ويشجع على الحوادث والتصعيد. ومن المحتمل أن تكون "حماس" قد تشجعت من حقيقة أن إسرائيل قررت السماح لها بالبقاء في السلطة في غزة. لكن في هذه الحالة يتعين عليها أن تأخذ في الاعتبار أنه لو توصلت إسرائيل إلى استنتاج بأن الحركة لا ترغب أو أنها ليست قادرة على المحافظة على الهدوء على طول الحدود، فلن يكون هناك طرف في إسرائيل، مثلما جرى خلال عملية الجرف الصامد، يدعو إلى السماح ببقاء "حماس" في السلطة، وتفضيلها على المجموعات الأكثر راديكالية منها التي يمكن أن تستولي على السلطة مكانها.