من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•إن المعارك العسكرية الرئيسية التي خاضتها إسرائيل في قطاع غزة منذ الانفصال [عن قطاع غزة سنة 2005] - عملية "الرصاص المصهور" في 2008، و"عمود سحاب" في 2012، و"الجرف الصامد" في 2014 - لم تؤد إلى تغير جذري في ميزان القوى بينها وبين "حماس". وهدف الجيش كما جرت صياغته في هذه المعارك، سيبقى على حاله حتى لو بدأت جولة قتال أخرى. في وقت الحرب، تسعى إسرائيل إلى إلحاق ضرر كبير كي ترمم ردعها حيال "حماس، على أمل أن يكون ممكناً، بحسب تعبير رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، "إطالة الفترات الفاصلة"، أي إطالة فترات الهدوء قدر الإمكان حتى المواجهة المقبلة.
•لقد انجرت حكومة إسرائيل إلى جميع هذه المعارك رغماً عن إرادتها وتحت ضغط مزدوج: تحرّشات "حماس" ونقد سياسي وإعلامي داخلي في ضوء تدهور الوضع الأمني في مستوطنات غلاف غزة. ويبدو أنه ليس مصادفة أن إيهود أولمرت سنة 2008، ونتنياهو في 2012 شنا حرباً على غزة قبل وقت قليل من انتخابات الكنيست. وفيما يتعلق بالجولة الأخيرة قبل عامين، دعا نتنياهو إلى انتخابات جديدة بعد وقت قصير من الحرب التي انتهت مرة أخرى بالتعادل الذي أثار انتقادات.
•إن التغير الكبير في الصورة الاستراتيجية في القطاع لم تحدثه إسرائيل، ولم يحدث نتيجة حرب. الانقلاب العسكري في مصر في تموز/يوليو 2013، أعاد الجنرالات إلى الحكم، فطردوا حكومة الإخوان المسلمين وغيروا بصورة مطلقة توجه القاهرة إزاء حكم "حماس" في القطاع، التي رأوا فيها فرعاً فلسطينياً لخصومهم المكروهين في الجبهة الداخلية. وتجلى تبدل السياسة المصرية على الأرض من خلال الإغلاق الدائم تقريباً لمعبر رفح، ومن عمليات ممنهجة لهدم أنفاق التهريب التي كانت تربط القطاع بسيناء. وهاتان الخطوتان شددتا الحصار المفروض على غزة وضربتا اقتصاد "حماس" إلى حد الاختناق، ودفعتا أيضاً بالحركة إلى مواجهة مع إسرائيل صيف 2014.
•في كل مرة تحركت فيها إسرائيل في القطاع وضربت قدرة "حماس" العسكرية، كانت تعلم مسبقاً أنه خلال وقت قصير نسبياً ستتمكن الحركة من استبدال معظم وسائلها القتالية التي خسرتها من خلال تهريب السلاح من إيران، وأن مصر لن تبذل جهداً حقيقياً لإفشال هذا التهريب. وفي عملية "الرصاص المصهور" درست إسرائيل للحظة عملية أوسع بكثير تشمل إعادة السيطرة على شريط فيلادلفي، لكنها تخلت عن ذلك خوفاً من تورط طويل الأمد، يكلفها خسائر كثيرة. وبعد عملية "الجرف الصامد" تغيرت الظروف جذرياً، فمصر تحت حكم عبد الفتاح السيسي تعالج أنفاق التهريب في رفح بفاعلية أكبر من تلك التي حققتها إسرائيل خلال سنوات سيطرتها على القطاع.
•وهذا هو السبب الذي يجعل "حماس" غير قادرة على إعادة بناء ترسانتها الصاروخية بصورة كاملة. ويواجه الإيرانيون الذين تحسنت علاقاتهم مع "حماس" في الفترة الأخيرة، مصاعب في نقل صواريخ جديدة للحركة التي باتت مضطرة إلى الاعتماد على الصواريخ المصنعة محلياً، والتي درجة دقتها وضررها أقل بكثير.
•في مواجهة مستقبلية يبقى لـ"حماس" بصورة أساسية وسائل هجومية أخرى: أنفاق تعبر السياج، منظومة كثيفة من مدافع الهاون القصيرة المدى التي تأمل بواسطتها ضرب مستوطنات غلاف غزة بقوة، و"مفاجآت أخرى" مثل قوة كوماندوس بحري وطائرات من دون طيار. وللأنفاق أهمية خاصة لأن نقل القتال إلى تحت الأرض يحرم الجيش من جزء أساسي من تفوقه، يتمثل في المزج بين القوة الجوية ومعلومات استخباراتية دقيقة وتكنولوجيا متقدمة.
•يظهر الكشف عن نفق بالقرب من مستوطنة حوليت، الذي نشرت تقارير عنه في مطلع الأسبوع، الجهد الإسرائيلي المبذول لسد ثغرة الأنفاق الهجومية. لكن بخلاف تصريحات نتنياهو الجازمة هذا الأسبوع، فإن الحل التكنولوجي الذي بلورته الصناعات الأمنية ما يزال غير مكتمل، وبالتالي فإنه لن يطبق كاملاً. وكلام نتنياهو، إلى جانب نشر تقدير الجيش الإسرائيلي بأن استكمال الرد التكنولوجي على الأنفاق سيتطلب عامين، يمكن أن يتسبب بضرر مزدوج: استفزاز الذراع العسكرية في "حماس" للعمل من أجل استغلال الورقة الهجومية التي لديها قبل أن تُحرم منها نهائياً، وإيضاح كم من الوقت لديها لاستغلال نافذة الفرصة المتاحة.
•لكن المزاج الثرثار لرئيس الحكومة بشأن المسائل الأمنية لم يقتصر على جبهة غزة، فقد سبق ذلك تصريحات تتعلق بكبح الانتفاضة الثالثة، وزيارتان خلال أسبوع واحد إلى الجولان. في الزيارة الأولى، لمشاهدة تدريبات لواء الاحتياطيين، قرر نتنياهو الكشف عن أمر لم يصدر علناً حتى الآن عن المتحدثين الإسرائيليين: الجيش هاجم عشرات المرات في السنوات الماضية أهدافاً في سورية من أجل منع تهريب سلاح متطور إلى حزب الله في لبنان. وترافقت زيارته الثانية للجولان مع جلسة حكومية احتفالية، أكد خلالها نتنياهو أن إسرائيل ستبقى في الهضبة إلى أبد الآبدين.
•أوضحت أوساط نتنياهو أن التصريحات في الجولان كانت ضرورية في مواجهة التحرك الدولي للتوصل إلى تسوية سياسية للحرب الأهلية السورية، وإصرار نظام الأسد على استعادة الجولان. هذان التصريحان الصادران عن نتنياهو شكلا خروجاً عن النهج الحذر والبعد عن الأضواء الذي اتبعه في كل ما يتعلق بالجبهة السورية خلال خمسة أعوام، والذي نجح بواسطته في البقاء خارج المستنقع وتقليص تأثيره على الجمهور الإسرائيلي.