•يجب ألا نصاب بالرعب، فصفقة صواريخ S-300 الروسية إلى إيران هي اليوم رمزية أكثر من كونها تشكل خطراً حقيقياً. خلال السنوات التي خاضت فيها إسرائيل صراعاً ضد السلاح النووي الإيراني، كانت صفقة الصواريخ هذه ترمز ليس فقط إلى كسر الحظر المفروض على إيران، بل بصورة أساسية إلى أسوار الدفاع العسكرية التي بنيت حول المنشآت النووية الإيرانية، والتي كانت ستجعل من الصعب على إسرائيل ضربها من الجو. اليوم أصبحنا في مكان آخر، فالحظر الدولي انتهى، ويمكن افتراض أن إسرائيل تخلت عن احتمال مهاجمة إيران في السنوات القريبة المقبلة.
•من ناحية نظر إسرائيل، طالما بقيت هذه الصواريخ في أراضي إيران ولم تصل إلى سورية ولبنان، فإن صفقة السلاح هذه ذات مغزى سياسي معين لا أكثر. كما يوجد هنا مشاكسة روسية ضد حلف شمال الأطلسي، وفي مواجهة الغرب، وإنجاز إيراني على الساحة الدولية بعد توقيع الاتفاق النووي.
•حتى الآن لم تؤكد وزارة الخارجية الروسية تنفيذ الصفقة الموقعة في الأساس في العام 2007، وجُددت في الـ2015. والتقارير من إيران التي تؤكد تنفيذها لا تكفي لتثبت أنها نُفذت بالفعل. فقبل نصف سنة جرى الحديث عن تنفيذ الصفقة، وفي اللحظة الأخيرة أجّل الروس نقل الصواريخ لأن الإيرانيين لم يدفعوا المبلغ المطلوب.
•ولن نستغرب أن يكون الإعلان الإيراني الأحادي الجانب - الذي شمل صوراً لشاحنات تنقل شيئاُ ما مغطى - جزءاً من معركة مساومة مالية بين الدولتين. في الأساس تضمنت الصفقة أربع بطاريات صواريخ S-300. وعلى خلفية الخلاف القضائي ومطالبة الإيرانيين الروس بالحصول على تعويض مالي كبير بسبب تأخير الصفقة، وافق الروس على زيادة عدد البطاريات التي ستنقل لإيران إلى عدد غير معروف.
•إذا تحركت إسرائيل على الرغم من ذلك في المستقبل في مواجهة إيران، فإن هذا سيكون ضمن إطار ائتلاف دولي، وفي العالم الواسع توجد حلول تكنولوجية لمواجهة صواريخS-300 الفتاكة. ومن المنتظر أن تقدم إسرائيل في وقت قريب أحد هذه الحلول: طائرات "شبح" إف - 35 التي ستهبط هنا في نهاية السنة الحالية.
•إن وجود صواريخ S-300 على حدود إسرائيل في أراضي سورية ولبنان معناه أن كل طائرة في أجواء الدولة معرضة للخطر. ويعتبر هذا خطراً عسكرياً حقيقياً. وفي الواقع سبق للروس أن تحدوا إسرائيل بصواريخ مضادة للطائرات عندما نشروا في بداية الثمانينيات صواريخ أس - أي 5 في أراضي سورية. لم يتهدّم العالم يومها، وتعلمت إسرائيل العيش في ظل هذه الصواريخ وواصلت عملها في لبنان وسورية عندما اقتضت الحاجة.
•على ما يبدو سيعطي الروس في اطار الصفقة الإيرانيين بطاريات صواريخ كانت تستخدمها قوات الدفاع الروسية. لم يعد الروس ينتجون صواريخ S-300 وحل محلها في الجيش الروسي صواريخ S-400 الأكثر تطوراً.
•إن صفقة الصواريخS-300 هي السنونوة التي تبشر بفتح أبواب العالم للربح وبيع سلاح متطور لإيران، التي بحسب منشورات رسمية ستستثمر 20 مليار دولار في إعادة بناء جيشها. الروس وحدهم سيبيعون الإيرانيين طائرات شحن، وطائرات إنذار، وطائرات قتالية، وطائرات للتدريب وطائرات قيادة وتحكم، وصواريخ بر- بحر "ياخونت"- من كل ما لدى روسيا من "خيرات".
•إن الطرف الذي يشعر بالقلق من هذه الحفلة هو الائتلاف السني بقيادة السعودية، التي تستعد لمواجهة إيران من أجل إبعاد النفوذ الشيعي عن المنطقة. ومعنى هذا الجهد السني عمليات شراء للسلاح بقيمة 60 مليار دولار تقدم عليها دول ليست بالضرورة صديقة لإسرائيل. ليس في إمكان إسرائيل تجاهل سباق التسلح الإقليمي هذا، لذا فإنه يتعين عليها أن توقع - وكلما كان هذا أسرع كان أفضل - صفقات المساعدة الأمنية مع الولايات المتحدة.