ثمن التصدّع
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•أجرى معهد "بيو" الأميركي للبحوث خلال الفترة الممتدة من تشرين الأول/أكتوبر 2014 حتى أيار/مايو 2015، استطلاعاً معمقاً شمل خمسة آلاف مواطن إسرائيلي من جمع القطاعات بينهم المستوطنون في الضفة والفلسطينيون في القدس الشرقية. وتعتبر النتائج التي نشرت هذا الأسبوع مثيرة للقلق، لكن خطورتها تزداد أيضاً لأنه خلال الفترة التي فصلت بين اجراء الاستطلاع ونشره ازدادت حدة التصدعات داخل المجتمع الإسرائيلي أكثر فأكثر.

•ضمن الانقسام الداخلي بين اليهود في إسرائيل، نصف الذين شملهم الاستطلاع عرّفوا أنفسهم بصفتهم علمانيين، وثلاثة أشخاص من مجموع عشرة تقليديين، و13 في المئة متدينين وتسعة في المئة حريديم. وكلما هبطنا في هذا السلم، يرتفع تفضيل اليهودية على الديموقراطية، والتوجه نحو دولة الهالاخاه [الشريعة اليهودية]، مما يهدّد الرهان على وجود دولة يهودية وديموقراطية في آن معاً، بالتصدع.

•بيد أن التصدعات في الوسط اليهودي تتقزم مقارنة بالفجوة التي تفصل بين اليهود والعرب. أربعة من كل خمسة يهود يقفون إلى جانب التمييز لصالح اليهود، و48 في المئة يوافقون على القول بأنه "يجب طرد العرب أو نقلهم من إسرائيل". الأصوليون، المتدينون والتقليديون يؤديون ذلك بأغلبية كبيرة. العلمانيون وحدهم يحدثون توازناً ما في المشهد - لكن حتى في أوساطهم، فإن الثلث مع صيغة الترحيل.

•وفي مثل هذه الظروف، ليس مستغرباً أن تكون الشكوك بين الشعبين عميقة. والاتفاق الوحيد بينهما هو اعتقاد 40 في المئة من الطرفين بأن الزعماء ليسوا جديرين بالثقة. إن الخوف والنفور المتبادلين يعكران صفو البلاد ويخرجان من تحت الأرض أبخرة الشر والعنصرية- هي أرض خصبة بالعنف والتنكر لأحلام التعايش والمصالحة والسلام.

•إن التوجهات الديموغرافية والسياسية لا تبعث على الأمل بتغير النتائج، فالتعصب الديني لدى الطرفين يبعد العلمانيين عن مواقع السلطة. ويعتمد بنيامين نتنياهو على أصوات المتدينين، الأصوليين واليمين القومي المتطرف. وبحسه الحاد عرف كيف يعزف على أوتار القلق والعنصرية حين فاز في الانتخابات من خلال عبارات تحريضية من نوع "العرب يتدفقون على صناديق الاقتراع"، كما تتحمل المسؤولية العناصر التي تكونت منها القائمة المشتركة التي تنكرت حتى لحزب ميرتس، وهذا الأسبوع كانت بين المؤيدين لحزب الله.

•إذا لم يجر رأب الصدع، فإن نسيج الحياة المشتركة في إسرائيل يمكن أن يتضرر بشكل لا رجعة عنه. ومن أجل منع ذلك يتعين على الحكومة وخصوصاً رئيسها، التوقف عن اثارة النزاعات بين أطراف الجمهور من أجل مكاسب سياسية. ويتعين على الحكومة أن تبذل كل ما في وسعها من أجل التوصل إلى قاسم مشترك أوسع. 

 

 

المزيد ضمن العدد 2331