العداء المشترك لـ"حماس" وداعش يعزز التحالف بين إسرائيل ومصر والأردن
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•يدل بيان مقتضب صدر عن الشاباك أمس (الاثنين)، ولم يحظ باهتمام كبير في الإعلام الإسرائيلي، على طبيعة العلاقات في المثلث الذي يجمع بين إسرائيل ومصر والأردن. وإذا كان بصورة عامة لا يصل إلى الإعلام سوى مظاهر الاحتكاك في العلاقات بين إسرائيل وهاتين الدولتين - المقاطعة التي فرضت على عضو البرلمان المصري [توفيق عكاشة] لأنه تجرأ واستضاف في منزله سفير إسرائيل في القاهرة، وغضب العائلة المالكة الأردنية على سلوك إسرائيل في جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف] في الخريف الماضي - فإن ما يجري فعلاً وراء الكواليس يبدو مختلفاً تماماً. 

•بالاستناد إلى ما أعلنه الشاباك، اعتقل قبل شهر محمود نزّال، من سكان بلدة قباطيا في السامرة [في الضفة الغربية]. ونزّال هو عضو في فصيل صغير انشق عن الذراع العسكرية في "فتح" في قطاع غزة، وانتقل للعيش في القاهرة سنة 2007 من أجل دراساته الأكاديمية. انضم هناك إلى قيادة "حماس" في قطاع غزة، وبتوجيهات منها عمل على تجنيد طلاب فلسطينيين من الضفة الغربية كانوا يدرسون في مصر، ووجههم نحو تدريبات عسكرية في القطاع ومن بعدها أرسلهم من جديد إلى الضفة. وبالاستناد إلى الشاباك الهدف كان "إقامة بنية تحتية عسكرية في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]"، وبكلمات أُخرى كان ذلك جزءاً من سعي "حماس" لزرع "خلايا نائمة" تتحرك عندما يحين الأوان للقيام بعمل مزدوج - عمليات إرهابية ضد إسرائيل، والتآمر ضد استمرار حكم السلطة الفلسطينية في الضفة. وقبل مرور أقل من عامين كشف الشاباك شبكة كبيرة لـ"حماس" في أنحاء الضفة، مشابهة لما سبق في التكوين والهدف. وجرى اعتقال أكثر من مئة مشتبه فيهم، ودفعت المعلومات التي أظهرها التحقيق والتي حرصت إسرائيل على نقلها إلى السلطة، بالرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الوقوف علناً ضد "حماس"، حتى في الوقت الذي كانت طائرات سلاح الجو تهاجم القطاع بعنف في أثناء عملية "الجرف الصامد". 

•لكن نزّال اعتقل على جسر أللنبي في طريق عودته إلى الضفة من مصر عبر الأردن. وإسرائيل بطبيعة الأمر لا تقدم معلومات عن ضلوع أطراف ثالثة في جمع المعلومات عن نشاط نزّال السري في القاهرة.

•إن الاضطرابات الهائلة في الشرق الأوسط ترسم بوضوح أكبر، خطوط التصدع في التحالفات الإقليمية والخصومات على الرغم من أن جزءاً من التحالفات وتلاقي المصالح يجري تحت الطاولة. هناك مصلحة مشتركة لإسرائيل ومصر والأردن، وإلى حد ما للسلطة الفلسطينية - ليس فقط ضد تنظيم "داعش"، لكن أيضاً في مواجهة "حماس". وبالنسبة إلى قيادة "حماس" في القطاع، فمصر أكثر تشدداً في علاقتها بالحركة حتى من إسرائيل، مثلما أثبت البيان الصادر عن مصر هذا الأسبوع وتتهم مصر فيه "حماس" بتدريب أعضاء خلية تابعة للإخوان المسلمين اغتالت النائب العام المصري في حزيران/ يونيو السنة الماضية.

•إن العداء المصري الحاد ضد "حماس" هو الذي يفرض استمرار الحصار على القطاع من جهة معبر رفح المغلق أغلبية أيام السنة في وجه حركة الفلسطينيين. لكن أيضاً في المدى البعيد، حتى لو بلورت إسرائيل مبادرة لها تتعلق بالقطاع، فإنها ستجد صعوبة في أن تكون مصر شريكاً في مشاريع اقتصادية حقيقية مثل فكرة إقامة مرفأ في غزة جرى البحث فيها من جديد في الفترة الأخيرة من جانب المؤسسة الأمنية والمستوى السياسي. وبينما الميل الإسرائيلي الطبيعي يتجه نحو إبراز التهديدات التي ينطوي عليها أي وضع جديد، فإنه توجد عملياً هنا فرص لا بأس بها لم تكن في متناول إسرائيل في الماضي.

•إن الظروف الجديدة في الشرق الأوسط تتغير بسرعة هائلة وتترافق بتحولات غير منتظرة، ومجرد محاولة تتبع أطراف لا نهاية لها تتدخل فيما يحدث في سورية، تسبب لرجال الاستخبارات دواراً شديداً. وعلى سبيل المثال، كان من الصعب مثلاً أن نتوقع قبل عام أو عامين خطوة وقف المساعدة الاقتصادية السعودية للجيش اللبناني، أو المبادرة غير المسبوقة بقيادة السعودية لاعتبار حزب الله تنظيماً إرهابياً.

 

•ومن غرائب الصدف أن إعلان السعوديين ودول الخليج الدراماتيكي بشأن حزب الله جاء متزامناً مع إعلان الجيش الإسرائيلي أنه الآن يعتبر حزب الله تنظيماً أقرب إلى جيش. إن النقاش في إسرائيل، بالطبع، يجري على مستوى مختلف تماماً. فالهدف من تعامل الجيش الإسرائيلي مع حزب الله بصفته جيشاً هو إتاحة فهم أفضل للطريقة التي يفكر فيها هذا التنظيم والعمل من أجل تحسين الاستعدادات للمواجهة معه مستقبلاً. وهذا لا يعني أن الجيش الإسرائيلي يعتقد أن حزب الله لن يواصل توجيه نيرانه في زمن الحرب في اتجاه السكان المدنيين الإسرائيليين مثل كل تنظيم إرهابي. وعلى الرغم من ذلك، ستحتاج إسرائيل على ما يبدو، في اتصالاتها مع المجتمع الدولي إلى توضيح حجتها، من أجل التمييز بين تعريف مهني، وحكم قيمي.