إسرائيل قررت: الأسد وإيران أخطر من تنظيم داعش
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

– الموقع الإلكتروني
المؤلف

•الحرب الأهلية في سورية مستمرة منذ خمسة أعوام تقريباً، لكن إسرائيل قررت الآن من هو الأخطر على مصالحها من خلال الاختيار بين خيارين سيئين. والاستنتاج الذي توصلت إليه هو أن استقرار حكم بشار الأسد في سورية وتحالفه مع إيران وحزب الله، أكثر خطراً على مصالح إسرائيل الأمنية من استمرار الفوضى.

•"وقف الأعمال العدائية" الذي كان من المفترض أن يبدأ أمس في شتى أنحاء سورية لم يتحقق. كان هذا متوقعاً. صحيح ان وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة أعلنا يوم الجمعة الماضي في مؤتمر ميونيخ عن وقف موقت لإطلاق النار، لكن لم تمر ساعتان حتى شكك سيرغي لافروف وجون كيري علناً ومن على المنصة في أنه سيكون في الإمكان تطبيق ذلك. وذلك لأنه منذ البداية كان واضحاً من صيغة الإعلان بالذات أن المقصود ليس وقفاً حقيقياً لإطلاق النار ستتقيد به جميع الأطراف.

•الروس مثلاً معفيّون منه، ويحق لهم قصف "الارهابيين"- أي كل المتمردين ضد نظام الأسد من دون تمييز. والذي سيحدث فعلاً نتيجة "وقف الأعمال العدائية" أن النظام والمتمردين سيوقفون القتال حول بعض محاور الطرق الرئيسية من أجل السماح بعبور قوافل المساعدة الإنسانية إلى بعض القرى المحاصرة في سورية، لكن القصف والقتال سيستمران في مناطق أخرى.

•كان إعلان ميونيخ بطة عرجاء دبلوماسية، واحد من عدد من الإعلانات المتعلقة بالشأن السوري. وتأكد مرة اخرى ضعف العلاقة بين ما يقال في البيانات الرسمية  من جانب جميع الأطراف، وما يحدث في الواقع. مثلاً عندما أعلنت روسيا رسمياً أنها ستتدخل عسكرياً في سورية لمحاربة داعش، كان هذا ذريعة من أجل الحصول على شرعية للخطوة الروسية التي كل هدفها انقاذ نظام بشار الأسد من الهزيمة، وترسيخ المصالح الاستراتيجية والاقتصادية والحفاظ عليها، والحفاظ على صورة الأم الروسية في الشرق الأوسط.

•ومن خلال استغلال القرار الرسمي لمجلس الأمن الذي يطلب من المجتمع الدولي القضاء على ظاهرة داعش، أصبحت محاربة داعش ذريعة قابلة للاستخدام من جانب كل من يرغب في التدخل تأييداً لطرف أو لآخر في القتال في سورية. وعملياً قصفت طائرات بوتين بصورة أساسية مجموعات مسلحين محليين سنة تهدد بإسقاط الأسد وذبح أبناء الطائفة العلوية، أما تنظيم داعش فقد هاجمه الروس ويهاجمونه بصورة هامشية. 

التهديد السعودي

•تستخدم الأطراف الداعمة للمتمردين تنظيم داعش أيضاً. فعندما رجح الروس في الفترة الأخيرة الكفة لمصلحة الجيش السوري والإيرانيين في شمال سورية، أعلن وزير الخارجية السعودي فجأة أن المملكة سترسل قوات خاصة لمحاربة داعش في أراضي سورية ضمن اطار التحالف الغربي. وعلى ما يبدو ينوي السعوديون جدياً ارسال قوات خاصة لسورية، لكن ليس لمحاربة داعش، فهم يريدون مساعدة تنظيمات المتمردين السوريين التي يدعمونها والتي هي في ضائقة في حلب.

المصلحة التركية

•يوجد مصلحة عليا لأنقرة في منع قيام دولة أو حكم ذاتي للأكراد السوريين في أراضي سورية، وذلك كي لا يثور ملايين الأكراد من سكان تركيا الذين يرغبون أيضاً في حكم ذاتي ثقافي وجغرافي، مثل الذي يتمتع به أكراد العراق وكما يبدو، سيحدث مثله في وقت قريب للأكراد في سورية. علاوة على ذلك، فإن القوات الكردية في سورية (YPG)، وحدات حماية الشعب، تعتبر في الحقيقة مؤيدة لتنظيم إرهابي وحرب عصابات هو الحزب الكردي التركي PKK [حزب العمال الكردستاني]. هذا التنظيم الذي يعتبر مسؤولاً إلى حد بعيد عن الانتصارات المثيرة للإعجاب التي حققها الأكراد السوريون ضد داعش والمستمرة حالياً.

•لقد كان أردوغان مستعداً لإرسال جنوده من دون تردد إلى الجيب الكردي المتاخم للحدود التركية لمحاربة الحركة السرية التي تنشط من هناك ضده، ومن أجل القضاء على التطلعات الوطنية الكردية في مهدها، لكنه يتخوف من رد واشنطن وموسكو اللتين تسعيان بحماسة  للحصول على ود أكراد سورية. ويرى أوباما في أكراد سورية رأس حربة فعالة في الحرب البرية ضد داعش، ولذا فهو يمدهم بالسلاح وبالمساعدة من جميع الأنواع. ويرى بوتين في أكراد سورية حلفاء محتملين في الحرب ضد المتمردين السنة الذين يهددون نظام الأسد. صحيح أن الأكراد هم من السنة، لكن في نظر المسلمين السنة وخاصة داعش والقاعدة هم كفار ويجب القضاء عليهم.

•من مصلحة تركيا إقامة "منطقة آمنة للاجئين" في أراضي سورية، لكن بمحاذاة الحدود التركية. ويريد أردوغان أن تعلن الأمم المتحدة منطقة "حظر للطيران" فوق هذه المنطقة الآمنة، والسبب هو رغبة أنقرة في منع تدفق اللاجئين إلى أراضيها، بعد مغادرة مليوني لاجئ إلى تركيا.

•لكن ليس هذا هو السبب الوحيد، إذ يتضح أنه في شمال سورية وبالقرب من الحدود مع تركيا، تعيش أقلية تركمانية تتحدث اللغة التركية وتعتبر من الناحية الأثنية تركية. ويشعر أردوغان أن من واجبه الدفاع عن هذه الأقلية التي ثارت ضد الأسد والتي تتعرض اليوم إلى هجوم الطائرات الروسية من الجو، وهجوم الجيش السوري من البر. فإذا أقيمت "منطقة آمنة" و"منطقة حظر للطيران" من فوقها سيحظى التركمان بحصانة وسيمنع ذلك قيام حكم ذاتي كردي على الأرض وستقتطع هذه المنطقة من السيادة السورية الواقعة تحت سيطرة الأسد، مما يعني ثلاثة عصافير بضربة واحدة. 

السلبية الأميركية

•تشعر جهات في إسرائيل وفي دول عربية موالية للغرب، بالقلق بسبب الطريقة التي تتصرف فيها إدارة أوباما في الشرق الأوسط عامة وحيال سورية خاصة. يمتاز سلوك واشنطن في منطقتنا حالياً بغياب الاستراتيجية عامة، وبصورة خاصة يمتاز بالسلبية. ونتيجة لعدم استعداد إدارة أوباما لإعادة تحديد مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وللعمل بصرامة من أجل تحقيقها اضطرت إلى الانجرار وراء أطراف أضعف منها لكنها أقل تردداً مثل روسيا.

•إن الخيار الأكثر معقولية من وجهة نظر غربية هو ان تشكل الولايات المتحدة تحالفاً تعمل في إطاره جميع الأطراف التي تدعم مباشرة أو غير مباشرة جهات المعارضة السورية بحيث يضم هذا التحالف السعودية ودول الخليج وتركيا والأردن ولبنان وحتى إسرائيل. ويقوم بتنسيق عملياته، ويعمل بحزم ويعطي على سبيل المثال صواريخ كتف مضادة للطائرات للمتمردين. وقد امتنعت الولايات المتحدة وبريطانيا عن إعطاء المتمردين هذه الصواريخ خوفاً من وقوعها بيد داعش واستخدامها في عمليات إرهابية. لكن يبدو أن داعش يملك منذ وقت طويل مثل هذه الصواريخ مما نهبه من ليبيا أو اشتراه من الصين ويوغوسلافيا سابقاً.

 

•لا توجد قيادة أميركية متماسكة توحد وتضم جميع الأطراف المعارضة للهيمنة الشيعية – الإيرانية واستمرار حكم الأسد في سورية، وبالتالي يعمل كل طرف من الأطراف الموالية للغرب والداعمة للمتمردين بصورة مستقلة ولكن غير ناجعة. وفي المقابل، في المعسكر المؤيد للنظام يحرص الروس على النظام والانضباط ويطبقون استراتيجية هادفة ومنسقة. ونتيجة ذلك تبرز على الأرض. الجيش السوري ومؤيدوه في القتال سجلوا في الفترة الأخيرة انتصارات في عدد من المناطق، ونجحوا في محاصرة حلب المدينة الثانية من حيث الأهمية في سورية.

 

 

المزيد ضمن العدد 2317