ماذا علينا أن نفعل في مواجهة أنفاق "حماس"؟ هجوم وقائي أم انتظار يقظ؟
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

•لم تنجح جولات القتال المتكررة في غزة في تحقيق الهدف الاستراتيجي، وهو تجريد القطاع من السلاح. لذا، فليس مفاجئاً أن توظف "حماس" جهداً أساسياً في حفر الأنفاق. إن الطريقة التي انتهت فيها عملية "الجرف الصامد" أثبتت لـ"حماس" أن الأداة الاستراتيجية الوحيدة التي حققت إنجازاً مهماً كانت على صعيد الأنفاق الهجومية، في حين فشلت جميع جهودها العسكرية الأخرى فشلاً ذريعاً. يضاف إلى ذلك، أن الرغبة المتبادلة في عدم الانجرار إلى مواجهة جديدة تمنع إسرائيل من معالجة تعاظم قوة "حماس"، وتطبع معالجتها بسلبية قسرية ناجمة عن صعوبة فرض كيفية استخدام المواد التي يجري إدخالها إلى غزة.

•وعلى الرغم من اشتداد حدة النقاش بشأن خطر الأنفاق، يجب أن ندرك أن مدار النقاش ليس وضعاً جديداً، بل هو تحدّ يعرفه متخذو القرارات. لذا يجب توجيه النقاش بشأن مسألة الرد الإسرائيلي بحيث يستشرف نهاية العملية. والمشكلة الأساسية هي تحديد الخط الأحمر الذي يفرض تجاوزه القيام بعملية.

•في رأيي، يجب أن يكون الخط الأحمر هو نفق يتجاوز فعلاً الحدود أو يتجاوز نطاقاً محدداً قريباً منها. وعندما يصبح الوضع القائم لا يحتمل، فإن الوسائل التي تعرفها إسرائيل جيداً هي هجوم وقائي أو ضربة استباقية. إن الهجوم الوقائي هو مبادرة لعملية ضد بناء الخصم قوة استراتيجية- تتم بصورة مفاجئة ومن دون معلومات ملموسة مسبقة عن توقيت تنفيذ التهديد من جانب الخصم. أما الضربة الاستباقية فهي أيضاً هجوم قبل أن يهاجم العدو- لكن مع التأكد من أن الخصم سيستخدم القوة في توقيت قريب.

•إن الهجوم الوقائي والضربة الاستباقية معروفان جيداً في عقيدة إسرائيل الأمنية من عملية سيناء في 1956، وصولاً إلى الهجوم المنسوب إلى إسرائيل على المنشأة النووية في سورية سنة 2007. لكن التغير في المحيط الاستراتيجي يثير الشك بشأن مدى صلاحية هذه العقيدة. وقد نوقشت هذه المسألة في الأعوام الأخيرة جرّاء نشوء تهديدات خطيرة جداً مثل حزب الله، وحتى الآن لم يتخذ قرار بالعمل ضد القدرات التي يملكها الحزب. هل يختلف هذا المنطق في مواجهة "حماس"؟

•ثمة عامل أساسي يمكنه أن يساعد في اتخاذ مثل هذا القرار هو وجود استخبارات نوعية توفّر عدداً من الخيارات. الخيار الأول هو معالجة موضعية لأنفاق اجتازت السياج. في مثل هذه الحالة يجب أن تكون العملية محدودة. الخيار الثاني معالجة للمنظومة تشمل جميع فتحات الأنفاق على مدى 3 الى 4 كيلومترات من الجدار. وكلا الخياران ينطويان على احتمالات تصعيد عالية، لذا يتعين على إسرائيل تطوير خيار ثالث أساسه ضبط النفس وانتظار المواجهة المقبلة و إطالة فترة الهدوء قدر الإمكان. 

•في المواجهة المقبلة يجب معالجة مشكلة الأنفاق بضربة استباقية. هذه هي طريقة العمل الناجحة. والتطور الأساسي الذي في إمكانه دعم هذا الخيار هو تطوير تكنولوجيا لتحديد أماكن فتحات الأنفاق وإغلاقها. ويمكن افتراض أن قبة حديدية "تحت الأرض" ستغير الوضع الاستهلالي للمواجهة المقبلة بالنسبة لإسرائيل.

•وثمة عامل آخر مشترك بين جميع الخيارات: المواجهة المقبلة، عاجلاً أم آجلاً، تنتظرنا. لذا، فإن السؤال الأهم هو مسألة هدف المواجهة المستقبلية. إن جوهر التوازن الاستراتيجي الحالي بين إسرائيل و"حماس" يعود إلى الفشل الذي نشأ نتيجة عدم وجود هدف استراتيجي صحيح في مواجهات الماضي.

•إن الطريقة التي خرجت فيها إسرائيل من عملية "الجرف الصامد"- "تعادل استراتيجي غير متناسب"- لم تضمن أي تغيير للوضع. ولم يؤد أسلوب خوض المعارك إلى تغيير الواقع. لذا يجب على إسرائيل أن تطرح على نفسها أسئلة أساسية مثل: ما هي الوسيلة لمنع "حماس" من زيادة قوتها مستقبلاً؟ وهل من الأفضل إنهاء حكم "حماس" في غزة؟

•بعد توضيح الهدف الاستراتيجي بعمق، يجب تفحص مشكلة أخرى. إن الوقت الحالي يزيد من احتمال اشتعال جبهة ثانية: الإرهاب في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] وداخل أراضي إسرائيل يزداد، ومن المحتمل أن يجر التصعيد في غزة إلى تطورات سلبية في مناطق أخرى أيضاً. ولا يعني هذا الامتناع عن القيام بعملية ضرورية، لكن يجب حساب الخطوات بصورة جيدة.

•بناء على ذلك، وفي مواجهة الوضع المعقد، يتعين على إسرائيل تحديد خطوط حمراء يستدعي تجاوزها هجوماً وقائياً. ويجب أن يكون هذا الهجوم قصيراً وقوياً، وأن يتم في ضوء هدف استراتيجي واضح. وكلّ خيار آخر سيؤدي بنا إلى النقاش عينه الذي ينشأ بعد كل جولة في مواجهة "حماس"، وربما في مواجهة لاعبين آخرين في ساحات أخرى أيضاً.