التسلل إلى "قدس أقداس" الاستخبارات الإسرائيلية: أجهزة التجسس الأميركية والبريطانية خرقت الإرسال المشفّر لمنظومة الطائرات من دون طيار في إسرائيل (1)
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

 

•نُشر هذا الصباح لأول مرة أن أجهزة الاستخبارات الأميركية والبريطانية فكّت الشيفرة الخاصة بين منظومة الطائرات من دون طيار التابعة لـسلاح الجو وقواعد تلك المنظومات، وراقبت وشاهدت لأعوام عديدة المواد التي كانت ترسلها تلك الطائرات إلى مشغليها في القاعدة. يظهر ذلك في مجموعة وثائق وصور أخذها معه إدوارد سنودن عميل الاستخبارات الأميركية، ولم تُنشر حتى اليوم.

•تُظهر هذه الوثائق أن إسرائيل تملك أسطولاً كبيراً من الطائرات من دون طيار. وهي تجمع معلومات عن غزة والضفة الغربية وجميع أنحاء الشرق الأوسط. كما استخدمت هذه الطائرات، وفقاً لمحرري التقرير، في جمع معلومات متعلقة بالتخطيط لقصف إيران. اثنتان من هذه الطائرات مزودتان بصواريخ وقذائف وتستخدمان في الاغتيالات المحدودة. وتعمل هذه الطائرات انطلاقاً من مجموعة قواعد في إسرائيل بينها تل- نوف وبلماحيم وعين- شمر.

•عملياً، يشكل هذا الأمر استراقاً للنظر إلى داخل بواطن العالم السري الإسرائيلي: بنك الأهداف، الأهداف، الأفضليات والقدرات، والنظر من خلال أعين إسرائيل إلى أعدائها. واستفادت الولايات المتحدة وبريطانيا عملياً من القدرة الاستخباراتية الكبيرة لإسرائيل، ورأتا كل ما كانت إسرائيل تراه. يقول مصدر استخباراتي رفيع اطلع على التحقيق "هذا زلزال. وهذا يعني أنهم عرّونا قسراً، وما لا يقل أهمية عن ذلك - ليس هناك أي وسيلة إرسال مشفرة لدينا ليست منيعة أمامهم. إنه الخرق الأخطر في تاريخ الاستخبارات الإسرائيلية".

اسم العملية "Anarchist"

•تجري العملية الاستخباراتية الكبيرة للولايات المتحدة وبريطانيا منذ العام 1998، وهدفها خرق الشيفرة واعتراض إرسال جيوش مركزية في الشرق الوسط، وسلاحهم الجوي ومنظومات سلاحهم المتطورة- الطائرات من دون طيار والرادار. وفي إطار هذه العملية جرى اختراق شيفرة منظومات قتالية ومراقبة متطورة يملكها حزب الله، ومصر، وتركيا، وإيران، وسورية. لكن في أساس العملية التي أطلق عليها اسم "Anarchist" كانت هناك دولة واحدة خُصصت لها أغلبية الموارد والجهود هي: إسرائيل.

•يدير العملية جهازا تجسس: الأول هو N.S.A (وكالة الأمن القومي في الولايات المتحدة)، والثاني هو نظيرها البريطاني G.G.H.Q. قيادة العملية موجودة في قاعدتين: قاعدة مانويت –هيل في بريطانيا، وهي قاعدة تنصت مشتركة بين المملكة والولايات المتحدة، وقاعدة سلاح الجو الملكية في مرتفعات ترودوس وهي النقطة الأكثر ارتفاعاً في جزيرة قبرص. وهذه قاعدة كبيرة مليئة بالهوائيات وأجهزة الالتقاط وتحليل الرموز، وبعض منشآتها موجود تحت الأرض. ويظهر عمق العمل في عملية "Anarchist" في سجل محاضر وصور من أشرطة فيديو التقطت خلال طلعات طائرات من دون طيار توثق ما صورته الكاميرات المكبرة، وأفلام أعدت لتدريبات ومحاضرات داخل المنظمة بينها تقارير- يبدو أنها لضباط كبار- تتعلق بتقدم العملية.

•وفي عدد من المرات استطاع رجال عملية "فوضوي" تحليل رموز كيفية تصوير الصور، سواء من خلال تحديد الموقع المصور، لنفترض قرى بالقرب من جدار الفصل حيث يُشاهد بوضوح السياج وأبراج المراقبة؛ أو من خلال تحليل رموز جزء خاص من الإرسال بين الطائرة والقاعدة، وحيث تقوم الطائرة بإطلاع القاعدة على مكان وجودها. وهكذا على سبيل المثال في 24 حزيران/يونيو 2009، سجل رجال القاعدة في قبرص حركة طائرات من دون طيار إسرائيلية بالقرب من نابلس والقرية الفلسطينية أزون. وفي نيسان/أبريل 2010 سجلوا تحليق طائرات من دون طيار بالقرب من عتيل.

التجسس على نتنياهو

•في سنة 1997 وقعت كارثة الكوماندوس البحري شييطت (عملية انشودة الصفصافة) التي سقط فيها 12 مقاتلاً قتلى [وقعت في خراج بلدة أنصارية في جنوب لبنان]، كانوا في مهمة هي اغتيال مسؤول كبير في حركة أمل. يومها ادّعى نصر الله في خطاب له أن الجنود لم يقتلوا في كمين نصب مصادفة، بل إن ما جرى عملية مخطط لها استندت إلى معلومات استخبارية دقيقة كانت في حوزته. يومها قال الجيش الإسرائيلي باستخفاف إن نصر الله يكذب، وإنه من غير الممكن أن يعرف أي شيء عن العمليات السرية لأفراد الكوماندوس. لكن اتضح أن نصر الله كان دقيقاً في كلامه، فبعد عدة أيام عرض متباهياً في مؤتمر صحافي صوراً لطائرات من دون طيار قامت بعمليات استطلاع عديدة في منطقة أنصارية قبل أسابيع من عملية التوغل. ولم يكن إرسال الطائرات من دون طيار مشفراً، وبذلك استطاع رجال حزب الله التقاط الإرسال وفهموا ما هي المنطقة التي تهم الجيش الإسرائيلي بصورة خاصة. في أعقاب هذه الحادثة وظفت المؤسسة الأمنية "جهوداً وموارد غير مسبوقة" وفقاً لشخص له علاقة بالموضوع، من أجل تشفير ترداد الإرسال بين الطائرات من دون طيار والقاعدة. وجرى ذلك في موازاة تحول الطائرات من دون طيار إلى إحدى الوسائل المركزية إن لم تكن الوسيلة الأكثر مركزية في منظومة الأمن الإسرائيلية، لجمع المعلومات الاستخبارية وتنفيذ العمليات الخاصة. وتقريباً ليس هناك اليوم عملية للجيش الإسرائيلي وجزء كبير من أذرع التجسس الأخرى، لا دور فيها للطائرات من دون طيار.

•لكن يتضح اليوم أن جميع هذه الجهود كانت من دون طائل، على الأقل في ما يتعلق بالولايات المتحدة وبريطانيا، اللتين نجحتا في خرق التشفير المتطور.

 

 

المزيد ضمن العدد 2302