•الجدل الذي دار الأسبوع الماضي بين وزير الدفاع موشيه يعلون ورئيس الأركان غادي أيزنكوت (حتى في التفاصيل الدقيقة)، بشأن من هو العدو الأساسي الذي يجب الاستعداد له، لم يُحسم بعد، وثمة شك في أنه سيُحسم. بنيامين نتنياهو وموشيه يعلون يعتبران إيران العدو الرئيسي، لكن رئيس أركان ذكياً مثل أيزنكوت يدرك أن التحدي الذي يواجهه خلال ولايته هو نشوب حرب مع حزب الله وليس مع إيران. وهذا أيضاً رأي الاستخبارات العسكرية وفقاً لما جاء في تقديرها الاستخباراتي السنوي، حيث تتقدم احتمالات نشوب جولة عنف مع حزب الله على احتمالات مواجهة مع إيران في أعقاب هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية. بعد عام سيأتي رئيس جديد إلى البيت الأبيض، وثمة شك في أن تتحداه إسرائيل في بداية عهده بخطوة غير منسقة.
•حزب الله موجود هنا وراء السياج، حي يتنفس ويتحرك ويتسلح ويستعد، لكن في المقابل يغرق عميقاً في المستنقع السوري حيث تنزف دماؤه، ويحاول في الوقت عينه المحافظة على موقعه ونفوذه داخل لبنان المرهق واليائس.
•الجيش الإسرائيلي وقيادة الشمال هما الآن في مواجهة جبهة واحدة واسعة تشمل الحدود مع سورية ولبنان. في الماضي كان جوهر النظرية جبهة واحدة مع ساحتين، ولكن الكل مرتبط حالياً ببعضه بعضاً. سياسة الجيش الإسرائيلي على الحدود الشمالية في المرحلة المقبلة حددها رئيس الأركان بناء على وثيقة تقدير الاستخبارات وعلى صورة الوضع على الأرض، وأسسها هي التالية:
-محاولة المحافظة على حدود هادئة في هضبة الجولان- وهذه مهمة صعبة لأنه في الجانب الثاني من الحدود تدور حرب أهلية دموية، يتدخل فيها حزب الله وإيران وداعش وغيرهم. وتُنسب إلى إسرائيل سياسة ترمي إلى إنشاء نوع من "منطقة أمنية" جديدة في الجانب الثاني من الحدود، تشمل قرى سورية لها مصلحة في النجاة من الجحيم المشتعل. وتساعد إسرائيل والجيش هذه القرى على الصعيد الانساني: من خلال تأمين العلاج، والنفط والغاز للتدفئة في الشتاء، والسهر على الأمن والشعور بالأمان. وحتى الآن عولج في مستشفيات إسرائيل أكثر من 2000 جريح سوري. ويرد السوريون الجميل ويساعدون في المحافظة على حدود هادئة قدر الممكن. وبينما تحول نصف سكان سورية إلى لاجئين، فإن الوضع على الحدود مع إسرائيل أفضل بكثير.
-منع انتقال سلاح نوعي من سورية إلى حزب الله: لقد وقف نصر الله إلى جانب الأسد في مواجهة المتمردين، والتخوف في إسرائيل هو من المكافأة السورية للتنظيم الشيعي. إن الطريقة الوحيدة التي يستطيع بواسطتها الأسد أن يدفع لنصر الله هي من خلال وسائل قتالية متطورة تنقل إلى لبنان. ولا يوفر الجيش الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات جهداً في هذا الشأن انطلاقاً من مبدأ يقول إنه بمقدار ما نستثمر اليوم سيكون الغد أسهل علينا. إن مهمة إغلاق الحدود بين سورية ولبنان أمام عبور السلاح هي مهمة أساسية، ويمكن أن تشكل سبباً لأن ينسق الجيش الإسرائيلي طلعاته الجوية فوق سورية مع سلاح الجو الروسي. والإنجازات في هذا الشان لا بأس بها، لكن كما هو معروف فلا مجال لإغلاق محكم للحدود.
- الحؤول دون هيمنة إيرانية على الحدود الشمالية: وهذا ليس مرتبطاً بنا فقط، ويوجد لنا شركاء عديدون في المنطقة، لكن الحدود هي حدودنا. على سبيل المثال، في الماضي كان لدى الأميركيين أمل، وكذلك لدينا، بأن يشكل الجيش في لبنان الحر حاجزاً في وجه حزب الله، وأن يقاتله إذا لزم الأمر ، بل إن الأميركيين سلحوا الجيش اللبناني بأسلحة متطورة (يمكن افتراض أنها انتقلت كلها إلى حزب الله). في الحرب المقبلة سيقاتل الجيش اللبناني وحزب الله جنباً إلى جنب في مواجهة إسرائيل.
•وهنا يجب القول إن حزب الله على الرغم من القوة التي راكمها وتنامي قوته وتسلحه، لا يرغب بحرب مع إسرائيل. فالحزب كما أسلفنا غارق في المستنقع السوري، والردع الناتج عن حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006] ما يزال فاعلاً. إلى متى سيبقى صامداً؟ ومن سيرمي عود الثقاب هنا؟ لا أحد يعرف.