•في تركيا يتحدثون عن إعادة السفير إلى إسرائيل وعن تطبيع العلاقات، لكنهم تأخروا في الإقدام على ذلك. عندما كانت إسرائيل ترغب في التقرب من تركيا، رفض أردوغان ذلك. والآن بعد أن أظهر أردوغان رغبته في التقرب منها، لا تبدو إسرائيل مستعدة للركوع أمام قدمي سلطان إسطنبول.
•بهدوء، ومن دون مراسم رسمية وتصريحات دراماتيكية، تيشكل حلف اقتصادي- أمني على قاعدة مصالح استراتيجية قوية، أعضاؤه اليونان وقبرص وإسرائيل ومصر، وبصورة غير مباشرة الأردن. وإذا شئتم هو حلف لدول الحوض الشرقي للبحر االأبيض لمتوسط، من دون تركيا.
•بالأمس وصل رئيس الحكومة اليونانية ألكسيس تسيبراس برفقة بعض وزرائه في زيارة لإسرائيل- للمرة الثانية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة- وسوف يناقش مع رئيس الحكومة نتنياهو من بين أمور أخرى، تعاوناً أمنياً بين الدولتين لمحاربة الارهاب، وتعاوناً في مجالي الطاقة والاقتصاد. واليوم سيعقد المشاركون قمة أخرى في قبرص، بمشاركة رئيس الحكومة القبرصية للبحث في الدفاع عن مصادر الطاقة- المقصود الغاز- وبالأمس فقط عاد وزير الدفاع موشيه (بوغي) يعالون من زيارة عمل لليونان حيث التقى وزير الدفاع، ووزير الأمن الداخلي، ورئيس الأركان وقيادة الجيش اليوناني، ودُعي لزيارة أخرى خلال الشهر المقبل. صحيح أنه ليس لدى اليونانيين المال لشراء السلاح، لكن لديهم رغبة شديدة في التعاون وتقاسم المعرفة والقيام بتدريبات مشتركة. ومن زاوية إسرائيل، فما يجري هو علاقة مهمة جداً مع دولة عضو في حلف شمال الأطلسي- خاصة في ضوء حقيقة أن الأتراك لم يجتهدوا في توطيد التعاون بين إسرائيل والحلف. وحتى الرئيس المصري الجنرال السيسي زار اليونان في السنة الماضية وتناولت الزيارة موضوعات أمنية.
•بدأت العلاقة مع اليونان سنة 2010 بعد نشوب الخلاف مع تركيا. وفي سنة 2013 وُقعت مذكرة تفاهم أمني بين إسرائيل واليونان، وبدأ الجيشان في التدرب معاً. في كانون الثاني/يناير 2015، بعد تغيّر الحكم في اليونان وانتخاب تسيبراس زعيم جبهة اليسار رئيساً للحكومة، نشأ تخوف في إسرائيل من أن تطرأ برودة على العلاقات مع اليونان. لكن هذا لم يحدث، بل على العكس استمرت العلاقات وتوطدت.
•الأتراك قلقون من المحور الشرق أوسطي الجديد هذا، الذي يعزلهم ليس عسكرياً فحسب بل وأيضاً اقتصادياً، ولذا فهم يريدون فتح باب لإسرائيل. لكن ليس لدى إسرائيل سبب لإضعاف علاقتها الوثيقة باليونان من أجل الأتراك. بالاضافة إلى ذلك، ينظر المصريون بريبة إلى أي تقرّب إسرائيلي من تركيا التي هي معزولة، في وقت تعتبر إسرائيل مصر المرساة الاستراتيجية الثانية من حيث الأهمية بعد الولايات المتحدة.
•في المقابل، أظهر الانهيار الإقليمي في السنة الأخيرة قوة جديدة يسعى وراءها كل من الولايات المتحدة وروسيا: الأكراد في سورية والعراق، الذين أثبتوا قدرتهم القتالية في مواجهة داعش. وتتنافس القوتان العظميان في الحصول على اهتمام الأكراد. الأميركيون يرسلون سراً بالمظلات الامدادات للأكراد في سورية- بينها صواريخ مضادة للدروع ووسائل قتالية أخرى- وهم يوضحون بذلك للأتراك موقفهم. أما الروس فيساعدون الأكراد على الحدود السورية- التركية، وهذا ما كان في خلفية إسقاط الأتراك للطائرة الروسية.
•يسعى الأكراد إلى الاستقلال، والظروف بدأت تنضج لذلك على الرغم من الفروق السياسية بين الأكراد في العراق وسورية وتركيا. كابوس الأتراك هو: إنشاء 40 مليون كردي دولة مستقلة، أو أي كيان معاد آخر يقوم بالقرب منهم. لقد شهدت علاقات إسرائيل بالأكراد صعوداً وهبوطاً. لكن ليس هناك أدنى شك في أنه إذا اضطرت إسرائيل إلى الاختيار بين الزعامة الكردية وتركيا أردوغان- الذي لا يخفي عداءه لإسرائيل- فإن التحالف مع الأكراد سيكون أهم أضعافاً مضاعفة.
•وفي الحوار الدائر اليوم بين إسرائيل وتركيا بقيادة المحامي يوسف تسحنوبار، هناك شعور بأن إسرائيل تتحاور مع دولة تعاني انفصاماً في الشخصية: فهناك الشرطي الطيب وزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو، والشرطي الشرير أردوغان. تتفق مع وزير الخارجية على شيء ما، لكن ما إن يصل إلى أردوغان حتى يتبدل كل شيء. لا مجال لترميم العلاقة مع رجل الإخوان المسلمين أردوغان، والمصالح الإسرائيلية المشتركة مع المصريين واليونانيين والقبارصة والأكراد وحتى السعوديين، تضمن شبكة علاقات أكثر استقراراً بكثير.