كل أكاذيب الغاز (حلقة ثالثة)
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

•كلا، هؤلاء ليسوا فوضويين. إن المتظاهرين في ساحة المدينة ناشطون تهمهم المصلحة العامة ويخرجون للتعبير عن موقف وينفقون من مالهم ووقتهم الخاص. والمتظاهرون ضد مخطط اتفاق الغاز جديرون حقاً بالإعجاب، فهم جزء مهم من العملية الديمقراطية، ويحيي التزامهم أمل التزام الجمهور بشكل أعمق بقضايا عامة أخرى. لكن المشكلة الوحيدة هي أنهم على خطأ. يضحكون على ذقونهم ويقولون لهم إن تسوية الغاز سيئة وفاسدة، وإن الجمهور لن يستفيد منها بشيء- في حين أن العكس هو الصحيح. ويبيعونهم كومه من الأكاذيب.

•الكذبة رقم (5): "إن كلفة إنتاج وحدة حرارية [مليون وحدة حرارية بريطانية mmBtu] تبلغ 0,5 دولار أميركي، وتبعاً لذلك فإن بيعها بـ5,6 دولارات سرقة موصوفة". ما هو مقدار الشر والجهل المطلوبين لبيع هذا الهراء للجمهور. صحيح أن نفقات التشغيل الجارية والقوة العاملة، والمواد، والنقل من بئر "تمار" إلى الساحل تعادل نصف دولار أميركي لكل وحدة حرارية، لكن ماذا عن الاستثمار الهائل في أعمال التنقيب عن الغاز، وعن اختبارات الإنتاج، والمعدات، ومنصة التنقيب في الشمال، وخطوط أنابيب نقل الغاز إلى الجنوب وإلى منصة [الاستقبال والمعالجة] قبالة سواحل عسقلان؟ فقد بلغت قيمة الاستثمار في حقل "تمار" حتى الآن نحو 4,25 مليارات دولار، وستصل إلى ما يقارب 7 مليارات دولار. في المطعم أيضاً أنت تدفع 80 شيكلا مقابل وجبة من السمك، مع أن كلفة السمك تبلغ 15 شيكلا فقط.

•الكذبة رقم (6): "جرى استرداد تكاليف الاستثمار في حقل "تمار" منذ فترة طويلة". وهذا الكلام هراء أيضاً، فالغاز يتدفق من حقل "تمار" منذ عامين ونصف العام، ومن أصل [استثمار أصلي يبلغ] 4,25 مليارات دولار، جرى استرداد ما يقارب 2,75 مليار دولار، أي ما نسبته 65% من إجمالي الاستثمار.

•الكذبة رقم (7):  "ينبغي أن تكتفي شركتا تشوفا ["ديليك"] و"نوبل إنرجي" بعائد على الاستثمار يبلغ 9% لا أكثر لأن هذا هو المتوسط في العالم". يا له من كلام ينم عن عدم فهم للأمور! إن مخاطر [الاستثمار] في أعمال التنقيب عن الغاز في البحر الأبيض المتوسط، في المياه العميقة، هي من أعلاها في العالم. وحتى شركة "بريتيش غاز" التي نفذت المسح البحري وأفادت في تقريرها عن فرص جيدة لوجود مكامن غاز، لم تجد شريكاً لها في الإنفاق الكبير وغادرت البلاد. وهناك قاعدة أساسية في نظرية التمويل تحدد أن معدل العائد يجب أن يتناسب مع حجم المخاطر. ولذلك، فإنه من السخيف الكلام على عائد "متوسط" بالنسبة لمشروع ينطوي على هذا المقدار من المخاطر. وبالفعل، يصل عائد [الاستثمار في] حقل "تمار" إلى ما يقارب 22%، وسيصل في حقل "لفيتان" إلى نحو 19% على الأرجح.

•الكذبة رقم (8): "ينبغي فرض رقابة [حكومية] على سعر الغاز، لأن الأمر يتعلق باحتكار". هذه فلسفة ماركسية ناجحة تماماً في كوريا الشمالية: تجب مراقبة، ويجب سيطرة، ويجب تحديد [الأسعار] لأن الدولة تعرف أكثر من سواها. بيد أن فرض رقابة على الأسعار أمر سيئ لأنها كفيلة بالقضاء على قطاع الغاز، مثلما حدث في مصر حسني مبارك وفي فنزويلا هوغو شافيز. ونحن أيضاً لدينا أمثلة لا تعد ولا تحصى عن الضرر الذي تحدثه الرقابة على الأسعار. إنه أسلوب جيد للمنتج وسيئ للمستهلك، لأنه من السهل جداً على شركتي "ديليك" و"نوبل إنرجي" أن يخدعا مراقب الأسعار. سيأتون إليه مع لفيف من الخبراء، والمحامين والاقتصاديين، ويغرقونه بالتفاصيل وسيقف أمامهم شبه وحيد وشبه أعزل. وحدث ذلك في الماضي مرات متكررة لمنتجات عديدة كانت أسعارها خاضعة للرقابة، مثل: منتجات شركة "إليت" من الشوكولاتة والقهوة، ورغيف الخبز الطويل للمخابز، ومنتجات شركة "تنوفا" من الأجبان. 

•ومن هنا، فإن الحل الصحيح يكمن في تشجيع التنافس وإضعاف الاحتكار. واتفاق الغاز يحقق الأمرين معاً. وفي اللحظة التي يقر فيها هذا الاتفاق، ستسود حال من اليقين في السوق وستأتي شركات عالمية جديدة إلى إسرائيل وتكتشف مزيداً من الغاز. وهكذا ستزداد المنافسة في مواجهة "ديليك" و"نوبل إنرجي" ما يقود إلى انخفاض الأسعار. وهذا أفضل بكثير من مراقبة الأسعار.

•يوم الجمعة الماضي ألقت شيلي يحيموفيتش [المعسكر الصهيوني] كلمة أمام مؤتمر الصناعيين في إيلات. وقالت إن اتفاق الغاز سيئ وإن القطاع الصناعي سيدفع بسببه ثمناً غالياً. لكن المفاجأة كانت أن جمهور الصناعيين احتج على كلامها وقال إنهم يريدون الغاز بالشروط الحالية الآن وفوراً ومن دون مزيد من التأخير. لكن يحيموفيتش لم تكترث، ونزلت عن المنصة غاضبة. هاكَ، إنها تعرف أكثر من أي صناعي كيف تدير الأعمال.

 

 

المزيد ضمن العدد 2265