•نبادر إلى القول إن هذه ليست معركة جوية بالمفهوم الكلاسيكي. ما حدث هو عملية إسقاط من الجو. طائرات إف-16 تركية أسقطت بصاروخ جو- جو طائرة هجومية روسية من طراز سوخوي 24. بالمقارنة، فإن طائرة السوخوي أكثر قدماً (تقريباً بنحو عشر سنوات)، وأكثر ثقلاً وبطئاً وأقل قدرة على المناورة. طائرة الإف-16 صغيرة، وسريعة وفتاكة، وملائمة للمواجهات الجوية. السوخوي معدة لمهاجمة أهداف برية، وكذلك السلاح الذي تحمله: "صواريخ جو- أرض" وقنابل (مع القدرة على حمل سلاح نووي تكتيكي). صحيح أن الطائرة مزودة بصاروخي جو– جو r-61 الخفيفين وبمدفع رشاش، لكن هذا سلاح للدفاع الذاتي وليس للاعتراض. في المقابل، فإن طائرة إف-16 في سلاح الجو التركي مزودة بصواريخ سايدويندر [Sidewinder]، وكذلك بصواريخ AMRAAM المتطورة، ويعتبر الاعتراض في صلب مهمات المخطط التشغيلي للطائرة.
•وهكذا للمرة الأولى منذ الخمسينيات، تُسقط طائرة تنتمي إلى حلف شمال الأطلسي طائرة روسية. وهذا حدث يستحق التوقف عنده. ثمة شك في أن تكون طائرة السوخوي حلقت بصورة خطرة. والأكثر معقولية أنها خرقت الأجواء التركية من طريق الخطأ. يدعي الأتراك أنهم حاولوا تحذير الطيارين الروس عشر مرات خلال خمس دقائق من دون جدوى. لكن لدى المراقبين في برج مراقبة مطار بن غوريون الكثير من القصص عن طيارين روس (مدنيين) من شركات طيران في الاتحاد السوفياتي سابقاً، لم يفهموا التوجيهات وتسببوا بوقوع "حوداث" مثل الهبوط الاضطراري أو الهبوط أثناء إقلاع طائرة أخرى. ولا نستغرب أن يكون هذا ما حدث هذه المرة أيضاً.
•مما لا شك فيه أن الوجود العسكري الروسي في سورية يتسبب بالكثير من التوتر لدى الأتراك. وسبق لهؤلاء أن حذروا سابقاً من خرق حدود وتسلل طائرات روسية إلى أجوائهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحرب الأهلية الدائرة في سورية للسنة الثالثة حوّلت جميع الدول المجاورة إلى دول إصبعها على الزناد حساس جداً. قبل سنة في أيلول/سبتمبر 2014، أسقطت إسرائيل طائرة سورية من طراز مشابه، سوخوي 24، خرقت الحدود وتوغلت نحو 800 متر داخل أجواء هضبة الجولان. وجرت عملية الاسقاط بواسطة صاروخ أرض- جو من طراز باتريوت.
•في تركيا تحقق الكابوس الإسرائيلي، أي أن يؤدي الاحتكاك مع العمليات الروسية في سورية إلى حادث من هذا النوع. ولهذا استبقت إسرائيل الأمر، وهي تنسق على المستوى الاستراتيجي نشاط سلاح الجو في المنطقة مع الروس. وقد وضع نائب رئيس الأركان الروسي ونظيره الإسرائيلي آلية تسمح بنشاطات للطرفين في آن معاً، وتحول دون وقوع حوادث من هذا النوع.