هجمات يوم الخميس دليل على أن التوقف الوقتي لا يشكل بالضرورة منعطفاً في مسار الأحداث
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•يعتبر يوم الخميس من أكثر الأيام دموية منذ موجة العنف الحالية التي بدأت قبل 50 يوماً. فقد قُتل خمسة مواطنين- اثنان من جراء هجوم طعن في تل أبيب، وثلاثة بينهم عابر سبيل فلسطيني، في حادثة جمعت بين إطلاق نار ودهس في غوش عتسيون. هذه المحصلة الرهيبة هي إلى حد ما نتيجة مصادفة. ففي الفترة الأخيرة كانت هناك أيام سُجلت خلالها ثلاث أو أربع أو خمس هجمات انتهت بعدد أقل بكثير من المصابين. كما أن عدد الاصابات مرتبط بسرعة وفاعلية رد قوات الأمن، وأحياناً بمسألة دقيقة أو دقيقتين إضافيتين متاحتين أمام المخرب.

•تكشف هذه الهجمات التي جاءت بعد بضعة أيام من الهدوء الكامل طبيعة المواجهة الحالية، وأن التوقف الموقت الذي حدث ربما جرّاء المطر الذي ساد مطلع الأسبوع، لا يدل بالضرورة على منعطف في مسار الأحداث، فالعنف لا يحافظ على شكل واحد، بل يرتدي أشكالاً مختلفة، وهو يتضمن هجمات دهس وطعن، كما كثرت في الفترة الأخيرة هجمات إطلاق نار، في وقت يبدو أن التظاهرات الكبيرة في الضفة بدأت تخمد.

•في الأسابيع الأخيرة شهدت الضفة الغربية ثلاثة حوادث إطلاق نار قتل خلالها خمسة مواطنين. لكن كما هو معروف، فإن أغلبية المخربين المتورطين بالهجمات عملوا من تلقاء أنفسهم من دون أن تكون وراءهم بنية تحتية تنظيمية. لذا، فمن الطبيعي أن يجد الجيش والشاباك صعوبة في معرفة نياتهم بصورة مسبقة. وفي الجزء الأكبر من الحوادث يشير المخربون الذين بقوا على قيد الحياة بعد الهجوم الذي قاموا به، إلى أنهم اتخذوا قرارهم قبل يوم أو يومين من الهجوم.

•إن هذه مواجهة فيها الكثير من الصعود والهبوط. ويتحدث الجيش عن أهمية المرحلة. لكن يبدو أن الوصف الذي يلائم الأحداث الحالية أكثر هو تعبير "مد وجزر" الذي استخدمه الجيش خلال الانتفاضة الثانية. إن استمرار أعمال العنف يتطلب استخداماً واسع النطاق لكتائب من الجنود الاحتياطيين. وبدءاً من كانون الثاني/يناير، كما جرى التخطيط، سيتم نشر أربع كتائب من الجنود الاحتياطيين بصورة دائمة في الضفة الغربية طوال السنة بهدف السماح للوحدات النظامية بمواصلة التدريب. والراهن أن الجولة الحالية التي بلغت حتى الآن المدة عينها التي استغرقتها الحرب ضد "حماس" في قطاع غزة السنة الماضية (ولو بدرجة قوة أقل بكثير)، من المحتمل أن تستمر زمناً طويلاً.

•إن المخربَين اللذين نفذا الهجمات كانا من سكان منطقة الخليل مثل أغلبية المخربين في الأسابيع الأخيرة ومنذ بدء تراجع العنف في القدس الشرقية. لكن القاتل في مبنى بانوراما في تل أبيب مختلف عن الآخرين، فهو أول فلسطيني في المرحلة الحالية بين من يحملون تصاريح إقامة قانونية في إسرائيل متورط بهجوم. وهو يعمل في مطعم في المبنى عينه الذي وقع فيه الهجوم، وحصل على إذن بالعمل داخل الخط الأخضر قبل أيام فقط.

 

•في هذه الأثناء ما تزال المؤسسة الأمنية توصي بالاستمرار بسياسة منح الأذونات والامتناع عن فرض حصار على الضفة بحجة أن القرار سيضر بقرابة 120 ألف فلسطيني بينهم عمال في مناطق صناعية وفي المستوطنات. وهذا الأمر سوف يدفع العديد من هؤلاء إلى جبهة العنف. وهذه مجازفة محسوبة يوصي بها رجال الأمن حتى الآن بدعم من المستوى السياسي. لكن هذا الدعم سيزول إذا وقعت حوادث إضافية لأشخاص يملكون أذونات قانونية ويقومون بهجمات. من هنا، فإن كل مخرب من هذا النوع سيعرض للخطر مصدر رزق عشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية.