خطر "داعش" من الجنوب ومن الشمال
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

 

•إن الهجوم الإرهابي الذي شنه تنظيم "داعش" في شمال شبه جزيرة سيناء الأسبوع الماضي، يثير مخاوف محقة في إسرائيل حيال احتمال سعي التنظيم إلى القيام بهجمات كبيرة مشابهة ضد الجنود الإسرائيليين على طول الحدود الإسرائيلية - المصرية.

•ولم تمر بضعة أيام حتى أرسل "داعش" ما يذكّر إسرائيل بوجوده وما يشكل تحذيراً لما ستحمله الأيام المقبلة، وذلك عندما أطلق عليها عدة صواريخ بالقرب من الحدود في سيناء، بحجة أن إسرائيل تساعد الجيش المصري في الحرب ضده. لكن "داعش" لا يحتاج إلى ذرائع كي يهاجم إسرائيل، ورجاله (الذين كانوا سابقاً يحملون اسم "أنصار بيت المقدس") أطلقوا في السنوات الأخيرة صليات من الصواريخ في اتجاه مدينة إيلات، وفي سنة 2011 قاموا بهجوم على طريق 12 بالقرب من الحدود المصرية - الإسرائيلية، قُتل من جرائه 8 جنود ومدنيين إسرائيليين.

•ومع ذلك، شيء ما قد تغير في شبه جزيرة سيناء خلال السنوات الأخيرة، فالهجوم على مواقع الجيش المصري يثبت أن التنظيم ازداد قوة تحت الأعين الساهرة لإسرائيل ومصر، وهو لم يعد عبارة عن بضع خلايا إرهابية سرية تقوم بهجمات محدودة ثم تهرب بعد ذلك إلى مخابئها.

•إن هجوم 300 مخرب في وضح النهار بهدف السيطرة على بلدة مصرية (الشيخ زويد) والاحتفاظ بها، يدل على أن التنظيم تحول إلى ميليشيا عسكرية بكل معنى الكلمة، وأنه ينشط في أماكن واسعة من شبه جزيرة سيناء حيث يقيم قواعد ومعسكرات تدريب ويحكم سيطرته من دون أي عائق. كما يدل هذا الهجوم على القدرة العسكرية العملياتية لـ"داعش" سيناء الذي لا يعوزه السلاح والتدريب والمقاتلون، وعلى قدرته على القيادة والتحكم. كما يشير هذا كله للأسف الشديد إلى فشل الجيش المصري المستمر في استعادة السيطرة على أماكن انتشار "داعش" في شمال شبه جزيرة سيناء ووسطها.

•إن مثل هذا الواقع من الممكن أن ينشأ بسرعة أكثر من المتوقع على الحدود الشمالية لإسرائيل، حيث يقترب "داعش" بخطوات كبيرة من السياج الحدودي. وقبل نحو عام كان مقاتلو "داعش" في شرق سورية على بعد قرابة ألف كيلومتر من الحدود السورية - الإسرائيلية. أما اليوم فقد أصبحوا على بعد ساعة بالسيارة من الحدود، وثمة تخوف من إعلان عدد من تنظيمات المتمردين الناشطة في الجولان ولاءهم لـ"داعش" كما حدث تماماً في سيناء. وحتى في الأردن قد ينشأ وضع مثل الذي نشأ في مصر، يحاول فيه التنظيم إقامة قواعد لعملياته ضد الجيش الأردني وكذلك ضد إسرائيل.

•في شبه جزيرة سيناء كما في سورية، يمتلك التنظيم قاعدة برية تسمح له ببناء قوته من دون عائق. وأي هجوم جوي ضد هذه القاعدة هو أشبه بلدغة بعوضة، ووحدها عملية برية تستطيع القضاء على هذه الظاهرة. لكن هذه الخطوة غير عملية. وثمة شك في أن الجيش المصري مؤهل للقيام بها، أما في سورية فلم يبق هناك من يقدر أو يرغب في الدخول في مواجهة مع "داعش".

•يجب على إسرائيل ألاّ تنتظر الهجوم الذي سيشنه "داعش" عليها، سواء من الشمال أو من الجنوب. لقد اتخذت إسرائيل خطوات وقائية تتمثل في تحصين الحدود وزيادة اليقظة والحذر، وجمع المعلومات الاستخباراتية عن "داعش"، لكن إلى جانب هذا كله يتعين قبل أي شيء آخر زيادة التعاون مع مصر والأردن اللذين هما في حرب ضد هذا التنظيم. كما يجب البحث في خطوات عملية ضد هذا التنظيم تشمل مهاجمة طرق التسلح والتمويل وتدفق المتطوعين، وبصورة خاصة العمل ضد أي محاولة من جانب التنظيم للسيطرة على مناطق بالقرب من الحدود مع إسرائيل.

•ملاحظة أخيرة، إن تصريحات كبار المسؤولين في إسرائيل بشأن تعاون "حماس" مع "داعش" في سيناء في الهجمات على الجيش المصري وإطلاق الصواريخ على إسرائيل تبعث على القلق. ففي النهاية، الذريعة الأساسية لعدم إسقاط سلطة "حماس" في غزة هي منع سيطرة "داعش" على القطاع. لكن يتضح أن إسرائيل قد تجد نفسها في المستقبل في مواجهة "حماس" و"داعش" معاً، مع توزيع واضح للعمل بينهما، بحيث تحافظ "حماس" على الهدوء على طول الحدود مع إسرائيل، في حين يقوم "داعش" بمساعدة من الحركة بالعمل بحرية ضد أهداف إسرائيلية ومصرية. ومثل هذا الوضع لا يمكن القبول به.