ما يجري على الحدود الشمالية تراكم أحداث وليس تصعيداً
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•سلسلة الأحداث التي وقعت في الأيام الأخيرة على الحدود الشمالية يمكن أن تضلل. أولاً، فجر يوم الأحد تحدثت تقارير في وسائل إعلام عربية عن غارة على مخازن سلاح في قاعدة عسكرية سورية قرب الحدود مع لبنان، ونُسب الهجوم إلى إسرائيل التي لم تؤكد ولم تنفِ. ومساء يوم الأحد قتل سلاح الجو أربعة مخربين زرعوا عبوة ناسفة في هضبة الجولان بالقرب من السياج الحدودي بين إسرائيل وسورية. بعد مرور ساعات جرى الحديث عن هجوم آخر على معسكر سوري قرب الحدود السورية - اللبنانية. وهذه المرة أيضاً نُسب الهجوم في البداية لإسرائيل التي نفت (بصورة استثنائية جداً) مسؤوليتها، وتبين لاحقاً أن تنظيماً تابعاً للمعارضة السورية هو وراء الهجوم. وبالأمس سقطت قذائف هاون اطلقت من سورية في اتجاه الأراضي الإسرائيلية في الجولان بالقرب من مجدل شمس.

•إن إغراء رؤية وجود ترابط بين هذه السلسلة من الأحداث وأنها ردّ وردّ مضاد، كبير جداً. لكن الأمر هذه المرة ليس كذلكز إن المعارضة الإسرائيلية لتهريب سلاح متطور من سورية إلى حزب الله معروفة، وبالاستناد إلى المصادر الأجنبية ليست هذه هي المرة الأولى التي يتحرك فيها سلاح الجو في هذا الشأن. لكن حزب الله لا يرد بصورة عامة خلال فترة زمنية قصيرة جداً، أي خلال يوم أو نصف يوم، هي الفترة التي فصلت بين قصف المعسكر وزرع العبوة.

•تبدو خلية زارعي العبوة التي قتل أعضاؤها الأربعة مجموعة من الهواة، وذلك على الرغم من علاقة الخلية الواضحة بمعسكر الأسد (اثنان من القتلى أبناء شخص درزي مؤيد للنظام من مجدل شمس، والأربعة خرجوا من منطقة واقعة تحت سيطرة الحكومة السورية)، ومن المحتمل أن تكون هذه المجموعة حُرِّكت من قبل أي من الأعضاء في المعسكر: إيران، سورية، أو حزب الله. لكن يتضح أن إطلاق القذائف بالأمس يدخل في إطار ما يسمى" انزلاق" تبادل إطلاق النار بين الجيش السوري والثوار على الجانب السوري من الحدود، وقد وقعت خطأ على بعد بضعة أمتار داخل الأراضي الإسرائيلية.

•في هذه المرحلة يبدو أن هناك تراكماً غير مقصود للأحداث لا يعكس تصعيداً يخرج عن المألوف للوضع، ولكنه يجسد مجدداً مدى تعقيد الوضع وخطورته وصعوبة تحليله، فكيف بالأحرى توقعه. في بعض الأحيان تحتاج الاستخبارات الإسرائيلية إلى بضعة أيام كي تحدد بدقة من يقف وراء حادثة معينة وما هي اعتباراته. والمشكلة أنه عندما تكون هناك جهات كثيرة تتصارع في ما بينها في الحرب الأهلية السورية التي أحياناً تنزلق إلى أراضي لبنان، فمن الصعب بقاء إسرائيل بعيدة تماماً عن انعكاسات المعركة.

•إن الأنباء الأكثر إثارة في سورية تأتي من مكان آخر. ففي الأشهر الأخيرة وتحديداً بعد أن بدا أن نظام بشار الأسد ينجح في تثبيت وضعه، إذا به يمنى بهزيمة تلو الأخرى. فبعد هزيمة قواته في مدينة إدلب شمال سورية الشهر الماضي، سقطت يوم الجمعة بلدة مجاورة ذات أهمية تكتيكية كبيرة هي جسر الشغور. وفي جنوب سورية باءت محاولة النظام السوري تنظيم هجوم كبير بفشل ذريع، وأصبحت دمشق نفسها من المطار حتى القصر الرئاسي مهددة أكثر فأكثر من قِبل نيران الثوار. وقد شهدت الأيام الأخيرة توسع رقعة المعارك مع أكثر فصائل المعارضة تشدداً، داعش وجبهة النصرة، في منطقة القلمون القريبة من الحدود اللبنانية.

•بالأمس ذهبت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أبعد من ذلك وقالت إن النظام [السوري] يقف أمام أكبر خطر واجهه خلال السنوات الثلاث الماضية، وأن تصعيداً اضافياً للقتال في ضوء ضعف الأسد قد يُجبر الولايات المتحدة على نقل جهودها لمحاربة داعش من الأراضي العراقية وتوجيهها إلى الأراضي السورية. 

 

•وعندما سئلت مصادر إسرائيلية أمنية عن ذلك أمس، تحدثت عن توقعات أكثر حذراً، ففي رأيها، ثمة تآكل واضح في [قوة الرئيس الأسد] ازداد حدة مؤخراً. لكن مع ذلك، ففي تقديرهم، أثبت الأسد قدرة على الصمود تخطت جميع التوقعات السابقة. لذا لا يوجد الآن ما يدعو إلى نعيه، على الرغم من أن النظام يخسر السيطرة على المزيد من مناطق الدولة وهو يحكم حالياً ربع الأراضي السورية فقط.