كلينتون، نتنياهو، والبناء في الضفة الغربية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•في حديث مع زعماء يهود في الولايات المتحدة مطلع هذا الشهر، أشارت هيلاري كلينتون، المرشحة الجديدة للرئاسة، إلى مبدأين سيوجهان سياستها حيال إسرائيل: تحسين العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة واستئناف الحوار البناء بينهما؛ وتشجيع حل الدولتين من خلال مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين.  إذا فازت كلينتون في الانتخابات المقبلة، فإنها ستتسلم الرئاسة بعد سنتين فقط. 

•لكن كيف سيكون وضع يهودا والسامرة [الضفة الغربية] في كانون الثاني/يناير 2017؟ وهل ستحاول كلينتون الدفع بمفاوضات إسرائيلية - فلسطينية وفقاً للأطر التي وضعها بيل كلينتون قبل 15 عاماً؟

•أحد الأطر التي وضعها كلينتون هو ضم إسرائيل لكتل المستوطنات مقابل إقامة دولة فلسطينية في الأراضي التي سيجري إخلاؤها من الإسرائيليين. لكن منذ وضع هذا الإطار، ازداد عدد السكان الإسرائيليين الذين يسكنون شرقي جدار الفصل وبلغ أحجاماً كبيرة، إذ يوجد اليوم 72 مستوطنة إسرائيلية شرقي الجدار، وهناك خلاف على عدد سكانها. ففي المفاوضات التي أجراها إيهود أولمرت في 2008، كانت التقديرات أن عدد سكان هذه المستوطنات هو  63 ألف شخص. وفي السنوات الأخيرة يتحدث خبراء في هذا المجال، مثل العقيد في الاحتياط شاوول أريئيل وممثلو حركة "السلام الآن"، عن وجود 80 ألف شخص.

•ويمكن الحصول على صورة دقيقة وحديثة من خلال تحليل نتائج الانتخابات التي يوجد استناداً إليها خارج الكتل الاستيطانية 93 ألف مدني إسرائيلي اليوم. وتشير المقارنة بين سجلات الناخبين في المعركتين الانتخابيتين السابقتين إلى زيادة ثابتة في عدد الذي يحق لهم الاقتراع في السنوات الأخيرة بنحو 1500 سنوياً، وإلى زيادة سنوية تقدر بـ4%.

•وعلى الرغم من الزيادة السكانية تشتكي زعامة مجلس يهودا والسامرة من "تجميد صامت" للبناء فرضه بنيامين نتنياهو. وفي الواقع لم تعط تقريباً، خلال السنوات الأخيرة، أذونات بناء خارج الكتل الاستيطانية. ووصفت صحيفة "نيويورك تايمز" نتنياهو في الفترة الأخيرة بأنه الشخص الذي حقق الرقم القياسي "لعدم البناء" لأنه سمح بإقامة عدد من الشقق السكنية في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] خلال السنوات الأخيرة، أقل مما سمح به سابقوه سواء من اليمين أو اليسار. وفي الإجمال، ففي السنوات الست الأخيرة سُمح ببناء 9.197 وحدة سكنية في جميع أنحاء يهودا والسامرة، ثلثاها داخل الكتل، وثلاثة آلاف وحدة سكنية فقط خارجها أو شرقي الجدار.

•وهذا يعني أن نتنياهو بنى قليلاً، ولكن النمو الطبيعي لم يتوقف. ويمكن افتراض أن السكان الجدد وجدوا حلاً لمشكلة سكنهم في المباني الموجودة.

•في ضوء الوتيرة الحالية، وإلى أن تصل كلينتون إلى المنصب الذي تطمح إليه، من المتوقع أن يبلغ عدد الذين يسكنون خارج الكتل الاستيطانية نحو 101.000 إسرائيلي، وذلك على افتراض أن سياسة البناء ستبقى على ما هي عليه اليوم. وإذا لم تشمل الحكومة المقبلة أحزاب وسط أو يسار، وذلك للمرة الأولى، فمن المحتمل جداً أن تتسارع وتيرة البناء ويصبح عدد السكان في 2017 أكثر من 100.000.

•في مرحلة معينة ستصبح فكرة "الكتل الاستيطانية" غير مهمة. وقد تكون نقطة اللاعودة هي 100 ألف أو 150 ألف شخص. فبعد تجاوز هذا الحدّ، سيفقد الفصل بين المناطق الواقعة شرقي الجدار وتلك الموجودة غربه أهميته. وعندما يحين ذلك اليوم، هل سيصار إلى تحديث الأطر التي وضعها كلينتون من أجل المحافظة على أقلية يهودية في دولة فلسطينية في أي تسوية مستقبلية، أم ستتخلى كلينتون تخلياً كاملاً عن الأطر التي وضعها زوجها؟

•في هذا السياق، فإن المسألة الأساسية التي ستطرح في الأشهر المقبلة ستكون سياسة البناء  في حكومة نتنياهو الرابعة التي ستحمل إلى حد بعيد طابع وزيري الداخلية والإسكان. ويمكننا تقدير أن رئيس الحكومة سيجد نفسه بسرعة واقعاً بين مطالب الائتلاف من جهة والضغوط الدولية المتزايدة من جهة أخرى. 

 

•إن وتيرة البناء خارج الكتل الاستطيانية ستشكل "مقياساً مهماً للضغط"، فهل ستزداد هذه الضغوط أم ستتراجع، أم ستبقى على ما هي عليه الآن؟