الاتفاق بين روسيا وإيران هو على أكثر من الصواريخ
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

•يبدو أننا بصدد مشاهدة إعادة عرض لفيلم قديم عنوانه "سباق الدول العظمى على النفوذ في الشرق الأوسط". وفي الواقع، فإن اتفاق بيع روسيا صواريخ مضادة للطائرات من طراز S-300 لإيران، الذي استحوذ على العناوين الكبرى في صحف الأسبوع الماضي بوصفه استمراراً للاتفاق بين إيران والدول العظمى، يثير القلق، ليس فقط لأنه يزعزع الأمن في المنطقة كما قال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للرئيس فلاديمر بوتين، بل ايضاً لأن اتفاق البيع هذا يشير إلى تحول الشرق الأوسط من جديد، إلى ساحة مواجهة سياسية شاملة بين الولايات المتحدة وروسيا.

•صحيح أن مثل هذه المواجهة موجودة إلى حد ما بسبب الدعم الذي تقدمه موسكو للرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية الدائرة في سورية، والتأييد الجزئي للولايات المتحدة للمتمردين ضد نظام الأسد، لكن هذه المواجهة ما تزال مضبوطة، لأنه لا الدعم الروسي للأسد ولا الدعم الأميركي لمعارضيه يصل إلى الحجم الذي في استطاعة إحدى الدولتين تقديمه لأي من الطرفين لو قررت ذلك. بيد أن الصواريخ المضادة للطائرات موضوع آخر وتشكل مؤشراً على احتدام مواجهة عالمية بين الدول العظمى في مجالات متعددة وفي جبهات مختلفة، على سبيل المثال في موضوع أوكرانيا. وكأنما تقول موسكو لواشنطن: "إذا كنتم تتدخلون في ساحتي الخلفية في أوروبا الشرقية، فنحن سنتدخل في ساحتكم الخلفية في الشرق الأوسط".

•ليس من مصلحة إسرائيل أن تتحول إلى بؤرة لتلك المواجهة. في الماضي كان دعم السوفييت للعالم العربي بمن فيهم الفلسطينيون، ناجماً ليس فقط عن اعتبارات جيوسياسية، بل عن عداء عميق للصهيونية التي اعتبرها ستالين أكبر عدو للشيوعية، وفي حينها زوّد السوفيات المصريين والسوريين السلاح والتدريب بأحجام كبيرة، كما دربوا الإرهابيين الفلسطينيين. واستُخدم تقديم السلاح الروسي لدول عربية على الدوام مقدمة لتطوير العلاقات السياسية، وفي ما بعد من أجل توطيدها. ومن حسن الحظ أن هذا ليس هو واقع الحال اليوم بين روسيا ما بعد الاتحاد السوفياتي ودولة إسرائيل. وأقصد بذلك وجود شبكة علاقات إيجابية تماماً في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والسياحية وغيرها، وقد لعبت الهجرة الكبيرة من روسيا دوراً إيجابياً.

•لكن أحياناً تتحول حالات معينة على الصعيد السياسي إلى وقائع لا يمكن توقعها بصورة مسبقة، وحدوث مواجهة بين روسيا وأميركا في منطقة مليئة بالاضطرابات والمصالح المتضاربة قد يولّد دينامية غير مرغوبة من جانبنا. 

•يبدو ان إدارة أوباما تريد تقليص وجود أميركا في الشرق الأوسط، لكن لا يعني هذا أنها ستتخلى عن مصالحها هناك. وفي جميع الأحوال، فإن سياسة الإدارة غير المتوازنة على هذا الصعيد تثير الكثير من التساؤلات، وكانت حصيلة ذلك الارتباك وتزعزع ثقة حلفائها القدماء بها واستغلال الفرصة من جانب أطراف أخرى على رأسهم إيران. لكن كما أكد هنري كيسنغر وجورج شولتز في مقالهما الهام المنشور في الأسبوع الماضي بعنوان “The Iran Deal and Its Consequences” في مجلة "وول ستريت جورنال"، 7/4/2015)، على أنه لا يوجد تقارب حقيقي بين مصالح إيران والمصالح الفعلية لأميركا.

•تستغل إيران المواجهة القائمة من أجل الحصول على ميزات من الطرفين. من جهة، هناك صفقة الصواريخ مع روسيا التي جرت على الرغم من عدم رفع العقوبات بعد، مما يستدعي السخرية من التصريحات الأميركية بشأن إنجازات الاتفاق الجاري بلورته فيما يتعلق بالموضوع الإيراني؛ ومن جهة أخرى عودة الحرارة إلى العلاقات مع أميركا، بما تتضمنه من تعهد برفع العقوبات.

•ويتضح أنه حتى إذا لم يكن التاريخ يعيد نفسه، فهناك ظواهر تعيد نفسها، والمواجهة بين روسيا والغرب في الشرق الأوسط واحدة منها.